العرب الذين يعيشون حول الحرمين المحترمين يطلق عليها البغلى والطبرى واليمنى، وكان وزن المسكوكة البغلية يساوى ثمانية دوانق والطبرية ست دوانق والمسكوكة اليمنية تساوى درهمين ولأجل ذلك يتعبون كثيرا عند تحويل النقود المسكوكة إلى الذهب والفضة.
وأراد عمر الفاروق أن يسهل الأمر على الناس فرد المسكوكات الرائجة بين أهالى الحرمين وهى الطبرية والبغلية إلى نصف وزنها وثقلها، وهو ست دوانق وفقا للمثل القائل «خير الأمور أوسطها» واعتبرها درهما واحدا، وقسم الدرهم الواحد إلى أربعة عشر جزءا، وضم ثلاثة أسباع حاصل التقسيم إلى ست الدوانق، ورفع الدرهم إلى مثقال، وأسقط ثلاثة أعشار المثقال، وأنزل المثقال إلى الدرهم، واستصوب أن يكون استخدام النقود الرائجة فى البلاد الإسلامية بهذا الوجه، والذى دفع عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى اتخاذ القرار بجعل المسكوكات المتداولة على وزن معين معلوم هو عدم تطابق النقود المضروبة فى عهد الملوك السابقين للمعاملات الشرعية، لأن النقود التى كان يتعامل بها الناس فى عهود ملوك الفرس قد سكّ بعضها على وزن عشرين قيراطا، وبعضها على اثنى عشر قيراطا، وبعضها على وزن عشرة قراريط مع الاتحاد فى الثمن.
وبما أن إعطاء الزكاة فى النقود التى تتحد فى الثمن وتختلف فى الوزن وهى إما ذهبية أو فضية غير مشروع، لذا اعتبر عمر الفاروق كل قيراطين قيراطا، وأنزل الستة قراريط إلى ست دوانق، وحول وزن القيراط القديم المتعارف بين الناس لتقديم المثقال الواحد، وألحق ستة قراريط إلى أربعة عشر قيراطا التى تكون درهما واحدا. وهكذا أبلغ مجموع القراريط إلى عشرين قيراطا، واعتبر مجموعها مثقالا واحدا، ودام القرار الذى أخذه الفاروق الأعظم بشأن المسكوكات إلى سنة ٢٨ من الهجرة، وزادت الصعوبة فى تحويل المسكوكات الفضية والذهبية إلى الذهب الخالص غير المسكوكين بزيادة عدد المسلمين، وسلب هذا الأمر راحة الذين يبيعون ويشترون من أصحاب الحوانيت وأفراد