هو نجدة مسئول الأهالى. والرابطة الإسلامية أينما وجدت فإن أساسها الارتباط بالحرمين وكان الحكام يدركون الفوائد السياسية الكبيرة للاحتفاظ بهاتين البلدتين المسعودتين.
وإن كان هذا الاعتقاد موضع احترام وتقدير فإنه من الممكن حدوث تجاوز للحدود الشرعية لنجدة كل مسئول للأهالى، ولا توجد شبهة فى خطأ الاعتقاد المذكور، ألم يكن باطلا استيلاء جيوش الجهالة على الحرمين فى العهد السابق، وحصول أصحاب المذاهب الباطلة على الحماية فى البلاد الحجازية، وانقياد البدو لصناديد القبائل فى الباطن، وللدولة فى الظاهر، والعمل بالأحكام والقوانين التى سنها البدو (١) وليس التى يسنها الولاة والقضاة المعينون من قبل الدولة، وإذا ما نظر بإمعان إلى المعاملات الكلية والجزئية التى جرى العمل بها من بداية ظهور الملوك الإسلاميين وحتى اندثارهم يتبين أن انقراضهم وسقوطهم كان أولا بالانحراف عن جادة الشرع، والعمل بالبدع أو لترك الأعمال والتصرفات المشروعة.
أو ليس بقاء سلاطين آل عثمان المنصوص على أنهم أعدل الملوك فى الكتب الإسلامية المعتبرة كان بسبب اتخاذهم الأحكام الشرعية أساسا فى الأعمال والحركات، وعلى الرغم من أنه لم تلتزم الدقة فى تطبيق أحكام الشريعة بتمامها والتى هى أساس ملكهم الذى قام عليه مما أدى إلى وقوع بعض الخلل والاضطراب، وبمرور مدة قصيرة جدا على ذلك جددوا تمسكهم بالصورة الموافقة لأحكام الشريعة وأساس ملكهم ووصلوا إلى مطالبهم بعد وقت قصير كما هو مسطور فى الكتب المذكورة وسرى حكمهم إلى أكثر أرجاء الأرض وشملها.
وعندما سيطر السلاطين العثمانيون على البلاد الحجازية المباركة قضوا على
(١) نظم عرفت قبل عدة مئات من السنين من قبل شيوخ القبائل، وقد أدرجت النطاقات العربانية والقوانين التى تراعى الآن بين العربان فى جزء مرآة جزيرة العرب.