للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحملة الأولى. وأعلنوا أن اسم صاحب الشام أمير المؤمنين للعهد، وبناء على التعليمات التى تلقوها أمروا بأن يذكروا اسمه فى خطبة الجمعة.

وبعد هذا النصر اتخذ صاحب الشام ابن عمر عبد الله وليا للعهد، وسماه المدثر وادعى أن المدثر الذى ذكر فى القرآن هو عبد الله الذى سبق ذكره، وأراد بهذه الطريقة أن يخدع الناس ويبسط سطوته ويوسعها إلا أنه لم يوفق.

وهجم صاحب الشام بعد ذلك على حماة بعد حلب والمدن والقرى التى حولها، وأخذ يقتل كل من يصادفه من الأهالى مع أولادهم وعيالهم، وأخيرا وصل إلى بلدة سلمية التى استسلم سكانها دون أن يدافعوا عن أنفسهم فقتلهم جميعا حتى تلاميذ المدارس الصغار (١).

لما أزعج ما يرتكبه صاحب الشام من المظالم والغدر مسامع المكتفى بالله البغدادى فتحرك بما جهزه من العساكر الكثيرة من بغداد وتوجه إلى بلد الرقة.

ومن هنا وجه جنوده جف وفرق القرامطة، وتقابل البغداديون مع القرامطة فى مكان يبعد عن حماة اثنى عشر ميلا وبدأت حرب ضروس.

وإن كان القرامطة هربوا من شدة صولة البغداديين غير قادرين على صد هجومهم إلا أن جنود بغداد لم يتعقبوا فلو لهم المنهزمة وقبضوا على صاحب الشام وكذلك ولى عهده المدثر (٢) وسلموهما للخليفة الذى كان ينتظر النتيجة.

بعد ما قضى جنود الخليفة تماما على القرامطة عاد منصورا إلى بغداد حيث صلب صاحب الشام مع رفقاء له وشهر بهم فى سنة ٢٩١ هـ‍. إن فرقا من القرامطة الذين نجوا من سيوف البغداديين تربصوا فى طريق العراق، وكانوا يسيرون ليلا منها ونهارا، ويهاجمون المارين وعابرى السبيل ويسببون لهم خسائر كبيرة، وكانوا يختفون من الجيوش التى أرسلتها حكومة بغداد فى أماكن خفية.

إن هذه الفرقة الخبيثة قد هاجمت قافلة حجاج العراق فى سنة ٢٩٤ هـ‍،


(١) انظر: تاريخ الطبرى ١٠٠/ ١٠.
(٢) المدثر هذا كان عبد صاحب الشام وهو رومى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>