للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترفع الرايات-رمز سطوة الدولة العثمانية فوق المبانى العسكرية والقلاع ولم ترفرف عليها فى الحرمين الشريفين.

وإذا كانت تقاليد الاحترام تقتضى عدم رفع الألوية السلطانية فوق قلاع الحرمين الشريفين، إلا أنه من غير المناسب حسب مقتضيات العصر ضياع العلاقة التى تدل على التبعية المشروعة للحرمين الشريفين التى هى قبلة الموحدين، إلى دولة الخلافة، وبناء على هذا الرأى الصائب قد قرر السلطان عبد العزيز فى أواسط‍ حكمه رفع الراية العثمانية فوق معسكرات مكة المكرمة، والمدينة المنورة وفوق قلاعهما مثل سائر البلاد التابعة للدولة العثمانية.

وجهزت الأدوات اللازمة والبيارق، وأرسلت إلى ذلك المكان السامى جالب الفيض الإلهى وبذلك أصبح المعتاد رفع الأعلام فى المدينة المنورة، لكن تأخر هذا التقليد بالنسبة لمكة المكرمة وتأجل آنذاك لبعض الأسباب.

وكان سكان البلاد الإسلامية الواقعة تحت سيادة دول غير مسلمة يترددون على الحرمين الشريفين وكان بعض هؤلاء يفضلون الإقامة فى أحد الحرمين الشريفين ومجاورتهما بعد أداء الحج لذا اتخذ الإنجليز والفرنسيون والروس والبرتغاليون والهولنديون الذين يستعمرون الهند وآسيا الوسطى والجزائر وجاوه وغيرها قنصليات فى جدة لخدمة رعاياهم فى ظاهر الأمر وقضاء مصالحهم ولكنها فى الحقيقة للتجسس.

وكان لتدخل المسلمين من رعايا الدول الأجنبية فى شئون أهالى الحرمين عواقب وخيمة حاليا، ولا سيما أن أفرادا كثيرين من جماعات القبائل البدوية والعشائر المجاورة وأهالى الحرمين أنفسهم يدعون أنهم لا يعرفون لهم مرجعا سوى الإمارة الجليلة للحرمين؛ لذا رئى أنه من الحكمة رفع الراية العثمانية على قلاع مكة المكرمة ليعرف الحاقدون والأعداء أن مكة المكرمة من الأجزاء المقدسة المتممة لأراضى الممالك السلطانية.

وقد روعى اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة ما قد يعكر الصفو.

<<  <  ج: ص:  >  >>