وقد رأى فريق من المؤرخين فوق الباب الذى فتح فى جهة بقيع الغرقد من السور عبارة:«هذا ما أمر بعمله العبد الفقير إلى الله تعالى محمود بن زنكى بن أقسنقر غفر الله له، سنة ثمان وخمسين وخمسمائة» وذهبوا إلى أن السور المذكور قد شيد من قبل محمود بن زنكى. ومن هنا لا شبهة فى أن السور المذكور من أثر بناء الشهيد نور الدين.
والشهيد نور الدين هو «محمد القاسم» ابن الملك المنصور عماد الدين بن أبى الجواد، زنكى أقسنقر.
وقد ولد فى سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ورحل عن دنيانا سنة تسع وستين وخمسمائة إلى عالم البقاء والخلود وبناء على هذا يكون قد مات وعمره أربع وخمسون سنة رحمه الله.
وقد أمن سور المدينة الطيبة الذى بناه الشهيد نور الدين السكان من تسلط العربان، وحافظ عليهم ما يقرب من مائة وخمسين عاما، إلا أن تقلبات الزمان ومرور الأيام خربت السور الجديد وحفرة الخندق التى حفرت من قبل سعد بن ثابت وأخذت هجمات الأشقياء المتوالية تزعج سكنة دار الهجرة مرة أخرى، وعندئذ جدد الملك الصالح ابن الناصر قلاوون وهو من الملوك الشراكسة المصريين الأماكن الخربة من ذلك السور فى سنة ٧٥٥،كما شيد وأصلح السلطان قايتباى الأماكن التى خربت وانهدمت من ذلك السور.
شرع فى حفر الخندق سالف الذكر، بتشجيع سعد بن ثابت جماز من ولاة المدينة واتفاق الأهالى واتحاد الأعيان والسادات فى سنة ٧٥١ هجرية، إلا إنه تم حفره فى عهد وولاية فضل بن جماز الذى أصبح واليا بعد موت سعد بن ثابت.
وللأسف الشديد قد امتلأ ذلك الخندق بالأحجار الصغيرة نتيجة للإهمال وأصبح أرضا مستوية حيث أنبتت بعض الخضر والفواكه.
وكما لم تجدد أى جهة من جهات السور منذ عصر الملك قايتباى المصرى إلى عصر السلطان سليمان بن السلطان سليم خان عليهما الرحمة والغفران، أخذت