وعند ثبوت التهمة يتم إحضار المتهم وضربه من مقتضيات القانون القديم الخاص بالأغوات.
ولما يؤتى بالعصى يدخل المتهم بواسطة اثنين من الأغوات إلى خزانة الشموع التى تقع أمام الحجرة الشريفة وتدخل رجلاه فى الفلقة (١) ويؤخذ فى ضرب المتهم على رجليه والجهر بكلمة الشهادة عند الضرب بينما يقف الأغوات الآخرون خارج باب خزانة الشموع فى حالة انتباه.
ويأخذ المتهم الذى أدرجت رجلاه فى الفلقة فى الصياح والاستغاثة، وإذا وجد من يشفع له يخلى سبيله وإذا لم يوجد من يشفع يضرب إلى أن يقول «الفاتحة» ويغلق باب خزانة الشموع بعد الفاتحة، ويجلس الأغوات الذين عليهم نوبة الحراسة فوق صفة أصحاب الصفة متجهين إلى القبلة بينما يذهب الذين أنهوا نوبة حراستهم إلى تناول الطعام بعد أن يمسحوا ظهرهم على العمود الذى يقع فى الجهة اليمنى لمحراب التهجد وتقبيل أيادى الحراس السابقين.
تأسف: يجهل التاريخ وقت اختراع بدعة ضرب الأغوات وتأديبهم فى داخل مسجد السعادة ولما أصبح هذا النظام فى حكم القانون ولم تفترضه أية جهة فمثل هذا العمل يعد بدعة، خارجا عن دائرة الأدب، ومخالفا لأحكام الشريعة؛ فقد أحضروا للفاروق الأعظم فتى يستحق الضرب والتأديب، ولما كان عمر بن الخطاب-رضى الله عنه-فى داخل المسجد أمر بأن يخرج المتهم خارج المسجد حيث يضرب ويؤدب، أما فى زماننا فإن الأمر تجاوز حد ضرب وتربية الأغوات بعضهم بعضا إلى ضرب شيوخ الخدمة وتأديب أى واحد منهم ارتكب هفوة حتى ولو كان أمام قبر الرسول دون خجل واستحياء، فيصرخ المضروبون ويولولون دون أن يراعوا الأدب فى المكان المقدس. وللأسف الشديد فإن السلوك الذى نهى عنه حضرة الفاروق قد أصبح بدعة مستحسنة بل أخذ حكم الطاعة والعبادة.
ذيل: سألت أحد أهالى المدينة الكرام قائلا: «إن الضرب فى داخل الحرم
(١) الفلقه: عود يتصل به حبلان كانت تمسك بهما القدمان عند الضرب.