ورجوا منه أن يسمح لهم بإجراء أحكام عاداتهم السابقة وأصروا عليه. فقال لهم عادل باشا موافقا:«اعملوا وتصرفوا وفق عاداتكم القديمة» والآن يتصرفون كما كانوا يتصرفون من قبل.
وعندما يقترب المساء وقبل حلول وقت صلاة المغرب بعشر دقائق يشير الموقدون إلى الفراش الذى عين لإيقاد الشموع والذى ينتظر تحت محفل المؤذنين فيعلن هذا الفراش بصوت مرتفع حلول الوقت قائلا:«بسم الله» وعندئذ يجتمع الخدمة كلهم وقد سمعوا الصوت عند شيخ الحرم النبوى ويقفون أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيرفع شيخ الحرم يده داعيا وفقا للأصول ويخرج من خزانة الشموع الشمعدانين الذهبيين فيعطى أحدهما لشيخ الحرم والآخر لنائب الحرم فيدخلان إلى حجرة السعادة، ويسيران فى داخل الحجرة المعطرة بكل أدب وتعظيم ويضع شيخ الحرم أحد الشمعدانين ناحية رأس النبى صلى الله عليه وسلم والآخر ناحية قدميه، وبعد أن يتمسحا بقبة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يخرجان. ثم يدخل شيخ الحرم إلى الحجرة الشريفة مرة أخرى بعد أن يعطى لشيخين شمعتين مدببتين لإيقاد قناديل الحجرة وإناء مدببا من النحاس (١) لكل واحد منهما.
ومن القوانين القديمة ومقتضياتها أن من يضع الشمعدان الذى يوضع بجانب رأس النبى صلى الله عليه وسلم هو شيخ الحرم وأن يدخله بذاته، كما أن الشمعدان الذى يوقد بجانب قدمى النبى صلى الله عليه وسلم يدخل من قبل نائب الحرم ويخرج كذلك. كما أن القوانين المرعية أن يحمل خازن خزانة الحرم فى أثناء ذلك مبخرة وينهمك شيخ الفراشين بالدعاء؛ إلا أن نقل المبخرة الذى يستوجب الفخر وإن كان خاصا بالخازن قد شوهد أحيانا قاضى المدينة المنورة ومدير الحرم السعيد قد حملاها متناوبين.
بعد أن يؤدى شيخ الحرم ونائب الحرم مهمتهما مصلين مسلمين يعودان متقهقرين أحدهما من يمين القبر والآخر من يساره، وبما أن الأشخاص المكلفين بإيقاد القناديل يؤدون مهمتهم ومعهم المشار إليهما، يؤذّن بعد ذلك وينصرف كل واحد إلى جهة لأداء الصلاة.