للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هدي فليحل الحل كله، فَقَدْ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ

الْقِيَامَةِ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ: عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عبَّاس فَأَمَرَنِي بِهَا، فَرَأَيْتُ في المنام كان رجلاً يقول [لي] (١) حَجٌّ مَبْرُورٌ وَمُتْعَةٌ (٢) مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عبَّاس فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَوَاتُ الله وسلامه عليه، والمراد بالمتعة ههنا القران.

وقال القعيني وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَذْكُرُ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ.

فَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَهِلَ أَمْرَ اللَّهِ.

فَقَالَ سَعْدٌ: بئس ما قلت يا بن أَخِي، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَنْهَى عَنْهَا.

فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ.

وَرَوَاهُ التِّرمذي وَالنَّسَائِيُّ: عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ صَحِيحٌ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: حَدَّثَنِي غُنَيْمُ بن قيس، سألت سعد بن أبي وقاص: عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ قَالَ: فَعَلْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ فِي الْعُرُشِ (٣) - يَعْنِي مَكَّةَ - وَيَعْنِي بِهِ مُعَاوِيَةَ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: سَمِعْتُ غُنَيْمَ بْنَ قَيْسٍ، سَأَلْتُ سَعْدًا عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْنَاهَا وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ بِالْعُرُشِ.

وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ - وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ التَّمَتُّعِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّمَتُّعِ الْخَاصِّ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ وَالْفَرَاغُ مِنْهَا ثُمَّ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ وَمِنَ القِران بَلْ كَلَامُ سَعْدٍ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى إِطْلَاقِ التَّمَتُّعِ عَلَى الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اعْتَمَرُوا وَمُعَاوِيَةُ بَعْدُ كَافِرٌ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْحَجِّ إِمَّا عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ أَوْ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ، فَأَمَّا عُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ فَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ أَسْلَمَ مَعَ أَبِيهِ لَيْلَةَ الْفَتْحِ وَرُوِّينَا أَنَّهُ قَصَّرَ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشقص فِي بَعْضِ عُمَرِهِ وَهِيَ عُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ لَا مَحَالَةَ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إلى أنه عليه السلام كان قارناً رِوَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ

أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ: أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وجل فقال صل في


(١) من البخاري.
(٢) في البخاري: وعمرة.
(٣) العرش: بيوت مكة، قال أبو عبيد: سميت بيوت مكة عرشا لانها عيدان تنصب وتظلل، قال: ويقال لها عروش، واحدها عرش.
ومن قال عرش: واحدها عريش.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>