للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْصُورُ بْنُ صَدَقَةَ أَخَا دُبَيْسٍ وَوَلَدَهُ، ورفعهما إلى القلعة، فَعِنْدَ ذَلِكَ آذَى دُبَيْسٌ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَنَهَبَ البلاد، وجز شعره ولبس السواد، ونهبت أموال الخليفة أيضاً، فَنُودِيَ فِي بَغْدَادَ لِلْخُرُوجِ لِقِتَالِهِ،

وَبَرَزَ الْخَلِيفَةُ فِي الْجَيْشِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ أَسْوَدُ وَطَرْحَةٌ، وَعَلَى كَتِفَيْهِ الْبُرْدَةُ وَبِيَدِهِ الْقَضِيبُ، وَفِي وَسَطِهِ مِنْطَقَةُ حَرِيرٍ صِينِيٍّ، وَمَعَهُ وَزِيرُهُ نِظَامُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَنَقِيبُ النُّقَبَاءِ عَلِيُّ بْنُ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَشَيْخُ الشُّيُوخِ صَدْرُ الدِّينِ بْنُ إسماعيل، وتلقاه آقسنقر البرشقي ومعه الجيش فقبلوا الأرض ورتب البرشقي الْجَيْشَ، وَوَقَفَ الْقُرَّاءُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ، وَأَقْبَلَ دُبَيْسٌ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْإِمَاءُ يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ وَالْمَخَانِيثُ بِالْمَلَاهِي، وَالْتَقَى الْفَرِيقَانِ، وَقَدْ شَهَرَ الْخَلِيفَةُ سَيْفَهُ وكبر واقترب من المعركة، فحمل عنتر بْنُ أَبِي الْعَسْكَرِ عَلَى مَيْمَنَةِ الْخَلِيفَةِ فَكَسَرَهَا وقتل أميرها ثُمَّ حَمَلَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَكَشَفَهُمْ كَالْأُولَى فَحَمَلَ عليه عماد الدين زنكي بن آقسنقر فأسر عنتر وأسر معه بديل (١) بن زائدة، ثم انهزم عَسْكَرُ دُبَيْسٍ وَأَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَاءِ، فَغَرِقَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ الْأَسَارَى صبراً بين يديه، وحصل نساء دبيس وسراريه تحت الأسر، وَعَادَ الْخَلِيفَةُ إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا فِي يَوْمِ عاشوراء من السنة الآتية، وكانت غيبته عن بغداد سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَمَّا دُبَيْسٌ فَإِنَّهُ نَجَا بنفسه وقصد غزية ثم إلى المنتفق فَصَحِبَهُمْ إِلَى الْبَصْرَةِ فَدَخَلَهَا وَنَهَبَهَا وَقَتَلَ أَمِيرَهَا، ثم خاف من البرشقي فخرج منها وسار على الْبَرِّيَّةِ وَالْتَحَقَ بِالْفِرِنْجِ، وَحَضَرَ مَعَهُمْ حِصَارَ حَلَبَ، ثُمَّ فَارَقَهُمْ وَالْتَحَقَ بِالْمَلِكِ طُغْرُلَ أَخِي السُّلْطَانِ محمود.

وفيها ملك السلطان سهام (٢) الدين تمراش بن إيلغازي ابن أُرْتُقَ قَلْعَةَ مَارِدِينَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، وَمَلَكَ أَخُوهُ سُلَيْمَانُ مَيَّافَارِقِينَ.

وَفِيهَا ظَهَرَ مَعْدِنُ نُحَاسٍ بِدِيَارِ بَكْرٍ قَرِيبًا مِنْ قَلْعَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ.

وفيها دخل جماعة من الوعاظ إلى بَغْدَادَ فَوَعَظُوا بِهَا، وَحَصَلَ لَهُمْ قَبُولٌ تَامٌّ من العوام.

وحج بالناس قطز الخادم.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ..عَبْدُ اللَّهِ بن أحمد ابن عُمَرَ بْنِ أَبِي الْأَشْعَثِ، أَبُو مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أخو أبي القاسم، وكان من حفاظ الحديث، وقد زعم أن عنده منه ما ليس عند أبي زرعة الرازي، وقد صَحِبَ الْخَطِيبَ مُدَّةً وَجَمَعَ وَأَلَفَّ وَصَنَّفَ وَرَحَلَ إلى الآفاق، توفي يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ (٣) بها عن ثمانين سنة (٤) .


(١) في الكامل ١٠ / ٦٠٩: بريك.
(٢) في الكامل ١٠ / ٦٠٤ وتاريخ أبي الفداء: حسام الدين ; تمرتاش.
(٣) في تذكرة الحفاظ ص ١٢٦٤: ربيع الآخر.
(٤) في الكامل ١٠ / ٦٠٥ وتذكرة الحفاظ ص ١٢٦٤: كان مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة، أي ٧٢ سنة - انظر شذرات الذهب ٤ / ٤٩.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>