للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطرف بن عبد الله بن الشخير

تقدمت ترجمته، وهؤلاء كلهم لهم تراجم في كتاب التكميل. وفيها كان موت الحجاج بواسط ما تقدم ذلك مبسوطا مستقصى ولله الحمد. وفيها كان مقتل سعيد بن جبير في قول علي بن المدائني وجماعة، والمشهور أنه كان في سنة أربع وتسعين كما ذكره ابن جرير وغير واحد والله أعلم.

[ثم دخلت سنة ست وتسعين]

وفيها فتح قتيبة بن مسلم رحمه الله تعالى كاشغر (١) من أرض الصين وبعث إلى ملك الصين رسلا (٢) يتهدده ويتوعده ويقسم بالله لا يرجع حتى يطأ بلاده ويختم ملوكهم وأشرافهم، ويأخذ الجزية منهم أو يدخلوا في الاسلام. فدخل الرسل على الملك الأعظم فيهم، وهو في مدينة عظيمة، يقال إن عليها تسعين بابا في سورها المحيط بها يقال لها خان بالق، من أعظم المدن وأكثرها ريعا ومعاملات وأموالا، حتى قيل إن بلاد الهند مع اتساعها كالشامة في ملك الصين لا يحتاجون إلى أن يسافروا في ملك غيرهم لكثرة أموالهم ومتاعهم، وغيرهم محتاج إليهم لما عندهم من المتاع والدنيا المتسعة، وسائر ملوك تلك البلاد تؤدي إلى ملك الصين الخراج، لقهره وكثرة جنده وعدده. والمقصود أن الرسل لما دخلوا على ملك الصين وجدوا مملكة عظيمة حصينة ذات أنهار وأسواق وحسن وبهاء، فدخلوا عليه في قلعة عظيمة حصينة، بقدر مدينة كبيرة، فقال لهم ملك الصين: ما أنتم؟ - وكانوا ثلاثمائة رسول عليهم هبيرة - فقال الملك لترجمانه: قل لهم: ما أنتم وما تريدون؟ فقالوا: نحن رسل قتيبة بن مسلم، وهو يدعوك إلى الاسلام، فإن لم تفعل فالجزية، فإن لم تفعل فالحرب. فغضب الملك وأمر بهم إلى دار، فلما كان الغد دعاهم فقال لهم: كيف تكونون في عبادة إلهكم؟ فصلوا الصلاة على عادتهم فلما ركعوا وسجدوا ضحك منهم، فقال: كيف تكونون في بيوتكم؟ فلبسوا ثياب مهنهم، فأمرهم بالانصراف، فلما كان من الغد أرسل إليهم فقال: كيف تدخلون على ملوككم؟ فلبسوا الوشي والعمائم والمطارف ودخلوا على الملك، فقال لهم: ارجعوا فرجعوا، فقال الملك لأصحابه، كيف رأيتم هؤلاء؟ فقالوا، هذه أشبه بهيئة الرجال من تلك المرة الأولى، وهم أولئك. فلما كان اليوم الثالث: أرسل إليهم فقال لهم كيف تلقون عدوكم؟ فشدوا عليهم سلاحهم ولبسوا المغافر والبيض وتقلدوا السيوف ونكبوا (٣) القسي وأخذوا الرماح وركبوا خيولهم ومضوا،


(١) في الطبري ٨/ ١٠٠: بعث قتيبة كثير بن فلان إلى كاشغر فسبى منها سبيا وختم أعناقهم وفي ابن الأثير ٥/ ٥: بعث جيشا مع كبير بن فلان. وفي ابن الأعثم ٧/ ٢٥١: دعا برجل من أصحابه يقال له كثير بن أيم الرياق فضم إليه سبعة آلاف رجل من فارس وراجل.
(٢) في الطبري ٨/ ١٠٠ بعث اثنى عشر رجلا (وفي ابن الأثير: ٥/ ٥: عشرة) عليهم هبيرة بن المشمرخ الكلابي.
(٣) في الطبري ٨/ ١٠٠ تنكبوا. وفي ابن الأثير ٥/ ٦: وأخذوا السيوف والرماح والقسي وركبوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>