للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشام، فلما اجتازوا بقرقيسيا تحصن منهم زفر بن الحارث، فبعث إليه سليمان بن صرد: إنا لم نأت لقتالكم فأخرج إلينا سوقا فإنا إنما نقيم عندكم يوما أو بعض يوم، فأمر زفر بن الحارث أن يخرج إليهم سوق، وأمر للرسول إليه وهو المسيب بن نجبة بفرس وألف درهم. فقال: أما المال فلا. وأما الفرس فنعم. وبعث زفر بن الحارث إلى سليمان بن صرد ورؤس الامراء الذين معه إلى كل واحد عشرين جزورا وطعاما وعلفا كثيرا، ثم خرج زفر بن الحارث فشيعهم، وسار مع سليمان بن صرد وقال له: إنه قد بلغني أن أهل الشام قد جهزوا جيشا كثيفا وعددا كثيرا، مع حصين بن نمير، وشرحبيل بن ذي الكلاع، وأدهم بن محرز الباهلي (١). وربيعة بن مخارق الغنوي (٢)، وجبلة بن عبد الله الخثعمي. فقال سليمان بن صرد: على الله توكلنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون. ثم عرض عليهم زفر أن يدخلوا مدينته أو يكونوا عند بابها، فإن جاءهم أحد كان معهم عليه، فأبوا أن يقبلوا وقالوا: قد عرض علينا أهل بلدنا مثل ذلك فامتنعنا. قال: فإذا أبيتم ذلك فبادروهم إلى عين الوردة، فيكون الماء والمدينة والأسواق والسباق خلف ظهوركم، وما بيننا وبينكم فأنتم آمنون منه، ثم أشار عليهم بما يعتمدونه في حال القتال فقال: ولا تقاتلوهم في فضاء فإنهم أكثر منكم عددا فيحيطون بكم، فإني لا أرى معكم رجالا والقوم ذووا رجال وفرسان، ومعهم كراديس فاحذروهم، فأثنى عليه سليمان بن صرد والناس خيرا، ثم رجع عنهم، وسار سليمان بن صرد فبادر إلى عين الوردة فنزل غربيها، وأقام هناك قبل وصول أعدائه إليه، واستراح سليمان وأصحابه واطمأنوا.

[وقعة عين وردة]

فلما اقترب أهل الشام إليهم خطب سليمان أصحابه فرغبهم في الآخرة وزهدهم في الدنيا، وحثهم على الجهاد، وقال: إن قتلت فالأمير عليكم المسيب بن نجبة، فإن قتل فعبد الله بن سعد بن نفيل، فإن قتل فعبد الله بن وال، فإن قتل فرفاعة بن شداد، ثم بعث بين يديه المسيب بن نجبة في خمسمائة (٣) فارس، فأغاروا على جيش ابن ذي الكلاع وهم عارون، فقتلوا منهم جماعة وجرحوا آخرين، واستاقوا نعما، وأتى الخبر إلى عبيد الله بن زياد فأرسل بين يديه الحصين بن نمير في اثني عشر ألفا، فصبح سليمان بن صرد وجيشه واقفون في يوم الأربعاء لثمان بقين من جمادى الأولى، وحصين بن نمير قائم في اثني عشر ألفا، وقد تهيأ كل من الفريقين


(١) في الطبري ٧/ ٧٣ زاد: وأبو مالك بن أدهم.
(٢) في الكامل ٤/ ١٨٠: وعبيد الله بن زياد، ولم يذكر ربيعة بن مخارق الغنوي. وفي ابن الأعثم ٦/ ٨٠: أن عبيد الله بن زياد قد ترك الرقة … وقد وجه نحوكم بخمسة من قواده … وذكرهم وفيه: حملة بن عبد الله الخثعمي بدل جبلة.
(٣) في الكامل ٤/ ١٨١: أربعمائة فارس.

<<  <  ج: ص:  >  >>