للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن عبد العزيز العمري (١)

أدرك أبا طوالة، وروى عن أبيه وإبراهيم بن سعد، وكان عابدا زاهدا، وعظ الرشيد يوما فأطنب وأطيب. قال له وهو واقف على الصفا: أنتظركم حولها - يعني الكعبة - من الناس؟ فقال: كثير. فقال: كل منهم يسأل يوم القيامة عن خاصة نفسه، وأنت تسأل عنهم كلهم. فبكى الرشيد بكاء كثيرا، وجعلوا يأتونه بمنديل بعد منديل ينشف به دموعه. ثم قال له: يا هارون إن الرجل ليسرف في ماله فيستحق الحجر عليه، فكيف بمن يسرف في أموال المسلمين كلهم؟ ثم تركهم وانصرف والرشيد يبكي. وله معه مواقف محمودة غير هذه. توفي عن ست وستين سنة.

[ومحمد بن يوسف بن معدان]

أبو عبد الله الأصبهاني، أدرك التابعين، ثم اشتغل بالعبادة والزهادة. كان عبد الله بن المبارك يسميه عروس الزهاد. وقال يحيى بن سعيد القطان: ما رأيت أفضل منه، كان كأنه قد عاين. وقال ابن مهدي: ما رأيت مثله، وكان لا يشترى خبزه من خباز واحد، ولا بقله من بقال واحد، كان لا يشتري إلا ممن لا يعرفه، يقول: أخشى أن يحابوني فأكون ممن يعيش بدينه. وكان لا يضع جنبه للنوم صيفا ولا شتاء. ومات ولم يجاوز الأربعين سنة .

ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائة

فيها قتل أهل طبرستان متوليهم مهرويه الرازي، فولى الرشيد عليهم عبد الله بن سعيد الحرشي. وفيها قتل عبد الرحمن الأنباري أبان بن قحطبة الخارجي بمرج القلعة. وفيها عاث حمزة الشاري ببلاد باذغيس من خراسان، فنهض عيسى بن علي بن عيسى إلى عشرة آلاف من جيش حمزة فقتلهم، وسار وراء حمزة إلى كابل وزابلستان. وفيها خرج أبو الخصيب فتغلب على أبيورد وطوس ونيسابور وحاصر مرو وقوي أمره. وفيها توفي يزيد بن يزيد ببرذعة، فولى الرشيد مكانه ابنه أسد بن يزيد. واستأذن الوزير يحيى (٢) بن خالد الرشيد في أن يعتمر في رمضان فأذن له، ثم رابط بجنده إلى وقت الحج. وكان أمير الحج في هذه السنة منصور بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس. وفيها توفي:

[عبد الصمد بن علي]

ابن عبد الله بن عباس عم السفاح والمنصور. ولد سنة أربع ومائة، وكان ضخم الخلق جدا ولم يبدل أسنانه، وكانت أصولها صفيحة واحدة، قال يوما للرشيد: يا أمير المؤمنين هذا المجلس


(١) واسمه عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
(٢) كذا بالأصل والطبري، وفي ابن الأثير ٦/ ١٦٨: جعفر بن يحيى بن خالد.

<<  <  ج: ص:  >  >>