كان بينه وبين أسد الدين شيركوه بن شادي مواخاة وعهد أيهما مات قبل الآخر أن يحمله إلى المدينة النبوية، فحمل إليها من الموصل على أعناق الرجال، فما مروا به على بلدة إلا صلوا عليه وترحموا عليه، وأثنوا خيرا، فصلوا عليه بالموصل وتكريت وبغداد والحلة والكوفة وفيد ومكة وطيف به حول الكعبة، ثم حمل إلى المدينة النبوية فدفن بها في رباط بناه شرقي مسجد النبي ﷺ. قال ابن الجوزي وابن الساعي: ليس بينه وبين حرم النبي ﷺ وقبره سوى خمسة عشر ذراعا. قال ابن الساعي: ولما صلي عليه بالحلة صعد شاب نشزا فأنشد:
سرى نعشه على الرقاب وطالما … سرى جوده فوق الركاب ونائله
يمر على الوادي فتثني رماله … عليه وبالنادي فتثني أرامله
وممن توفي بعد الخمسين (١):
[ابن الخازن الكاتب]
أحمد بن محمد بن الفضل بن عبد الخالق أبو الفضل المعروف بابن الخازن الكاتب البغدادي الشاعر. كان يكتب جيدا فائقا، اعتنى بكتابة الختمات، وأكثر ابنه نصر الله من كتابة المقامات، وجمع لابنه ديوان شعر أورد منه ابن خلكان قطعة كبيرة.
[ثم دخلت سنة ستين وخمسمائة]
في صفر منها وقعت بأصبهان فتنة عظيمة بين الفقهاء بسبب المذاهب دامت أياما، وقتل فيها خلق كثير. وفيها كان حريق عظيم ببغداد فاحترقت محال كثيرة جدا، وذكر ابن الجوزي: أن في هذه السنة ولدت امرأة ببغداد أربع بنات في بطن واحد، وحج بالناس فيها الأمير برغش الكبير.
وممن توفي فيها من الأعيان ..
[عمر بن بهليقا]
الطحان الذي جدد جامع العقيبة ببغداد، واستأذن الخليفة في إقامة الجمعة فيه، فأذن له في ذلك، وكان قد اشترى ما حوله من القبور فأضاف ذلك إليه، ونبش الموتى منها، فقيض الله له من نبشه من قبره بعد دفنه، جزاء وفاقا.
(١) في الوافي ٨/ ٨٠ ووفيات الأعيان ١/ ١٤٨: مات سنة ٥١٨ هـ; وقال ابن الجوزي في المنتظم ٩/ ٢٠٤: مات سنة ٥١٢ هـ. قال ابن خلكان وكان ابنه نصر الله حيا في سنة ٥٧٥ هـ ولم أقف على تاريخ وفاته.