بالبصرة مدة، وسمع بها من عمر بن عبد الواحد الهاشمي وغيره، وقدم بغداد فاستوطنها، وكان ثقة
في نفسه، كثير الفضائل. ومن شعره الحسن:
لما تبدلت المجالس أوجها … غير الذين عهدت من علمائها
ورأيتها محفوفة بسوى الأولى … كانوا ولاة صدورها وفنائها
أنشدت بيتا سائرا متقدما … والعين قد شرقت بجاري مائها
أما الخيام فإنها كخيامهم … ورأى نساء الحي غير نسائها
ومن شعره أيضا:
تصدر للتدريس كل مهوس … بليد تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا … ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها … كلاها وحتى سامها كل مفلس
محمد بن عبد الواحد بن محمد الصباغ
الفقيه الشافعي، وليس بصاحب الشامل، ذاك متأخر وهذا من تلاميذ أبي حامد الأسفراييني، كانت له حلقة للفتوى بجامع المدينة، وشهد عند قاضي القضاة الدامغاني الحنفي فقبله، وقد سمع الحديث من ابن شاهين وغيره، وكان ثقة جليل القدر.
[هلال بن المحسن]
ابن إبراهيم بن هلال، أبو الخير الكاتب الصابئ، صاحب التاريخ، وجده أبو إسحاق الصابئ صاحب الرسائل، وكان أبوه صابئيا أيضا، أسلم هلال هذا متأخرا، وحسن إسلامه، وقد سمع في حال كفره من جماعة من المشايخ، وذلك أنه كان يتردد إليهم يطلب الأدب، فلما أسلم نفعه ذلك، وكان ذلك سبب إسلامه على ما ذكره ابن الجوزي: بسنده مطولا، أنه رأى رسول الله ﷺ في المنام مرارا يدعوه إلى الله ﷿، ويأمره بالدخول في الاسلام، ويقول له: أنت رجل عاقل، فلم تدع دين الاسلام الذي قامت عليه الدلائل؟ وأراه آيات في المنام شاهدها في اليقظة، فمنها أن قال له: إن امرأتك حامل بولد ذكر، فسمه محمدا، فولدت ذكرا، فسماه محمدا، وكناه أبا الحسن، في أشياء كثيرة سردها ابن الجوزي، فأسلم وحسن إسلامه، وكان صدوقا. توفي عن تسعين سنة، منها في الاسلام نيف وأربعون سنة.