وأمر باسلام فلا يقبلونه … وينزل منهم مثل منزلة الهزل
فما برحوا حتى انتدبت لغارة … لهم حيث حلوا أبتغي راحة الفضل
بأمر رسول الله أول خافق … عليه لواء لم يكن لاح من قبل
لواء لديه النصر من ذي كرامة … إله عزيز فعله أفضل الفعل
عشية ساروا حاشدين وكلنا … مراجله من غيظ أصحابه تغلي
فلما تراءينا أناخوا فعقلوا … مطايا وعقلنا مدى غرض النبل
وقلنا لهم حبل الاله نصيرنا … وما لكم إلا الضلالة من حبل
فثار أبو جهل هنالك باغيا … فخاب ورد الله كيد أبي جهل
وما نحن إلا في ثلاثين راكبا … وهم مائتمان بعد واحدة فضل
فيال لؤي لا تطيعوا غواتكم … وفيئوا إلى الاسلام والمنهج السهل
فإني أخاف أن يصب عليكم … عذاب فتدعوا بالندامة والثكل
قال فأجابه أبو جهل بن هشام لعنه الله فقال:
عجبت لأسباب الحفيظة والجهل … وللشاغبين بالخلاف وبالبطل
وللتاركين ما وجدنا جدودنا … عليه ذوي الأحساب والسؤدد الجزل
ثم ذكر تمامها. قال ابن هشام وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هاتين القصيدتين لحمزة ﵁ ولأبي جهل لعنه الله.
غزوة بواط (١) من ناحية رضوى
قال ابن إسحاق: ثم غزا رسول الله ﷺ في شهر ربيع الأول - يعني من السنة الثانية - يريد قريشا. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون. وقال الواقدي: استخلف عليها سعد بن معاذ. وكان رسول الله ﷺ في مائتي راكب، وكان لواؤه مع سعد بن أبي وقاص وكان مقصده أن يعترض لعير قريش وكان فيه أمية بن خلف ومائة رجل وألفان وخمسمائة بعير.
قال ابن إسحاق: حتى بلغ بواط من ناحية رضوى، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فلبث
(١) بواط: جبال من جبال جهينة، بقرب ينبع بينها وبين المدينة نحو أربعة برد، وهي قريب من ذي خشب مما يلي طريق الشام. قال السهيلي: بواط: جبلان فرغان لأصل واحد، أحدهما جلسي والآخر غوري.