والطغيان، وكانت مصالحته من أقوى أسباب النصر على الفرنج، ومن أشد ما دخل عليهم في دينهم. قال العماد الكاتب: وأجمع المنجمون على خراب العالم في شعبان، لان الكواكب الستة تجتمع فيه في الميزان، فيكون طوفان الريح في سائر البلدان، وذكر أن ناسا من الجهلة تأهبوا لذلك بحفر مغارات في الجبار ومدخلات وأسراب في الأرض خوفا من ذلك، قال: فلما كانت تلك الليلة التي أشاروا إليها وأجمعوا عليها لم ير ليلة مثلها في سكونها وركودها وهدوئها، وقد ذكر ذلك غير واحد من الناس في سائر أقطار الأرض، وقد نظم الشعراء في تكذيب المنجمين في هذه الواقعة وغريبها أشعارا كثيرة حسنة منها:
مزق التقويم والزيج فقد بان الخطأ … إنما التقويم والزيج هباء وهوا
قلت للسبعة إبرام ومنع وعطا … ومتى ينزلن في الميزان يستولي الهوا
ويثور الرمل حتى يمتلي منه الصفا … ويعم الأرض رجف وخراب وبلى
ويصير القاع كالقف وكالطود العدا … وحكمتم فأبى الحاكم إلا ما يشا
ما أتى الشرع ولا جاءت بهذا الأنبياء … فبقيتم ضحكة يضحك منها العلما
حسبكم خزيا وعارا ما يقول الشعرا … ما أطمعكم في الحكم إلا الأمرا
ليت إذ لم يحسنوا في الدين طغاما أسا … فعلى اصطرلاب بطليموس والزيج العفا
وعليه الخزي ما جادت على الأرض السما
وممن توفي فيها من الأعيان:
[أبو محمد عبد الله بن أبي الوحش]
بري بن عبد الجبار بن بري المقدسي ثم المصري، أحد أئمة اللغة والنحو في زمانه، وكان عليه
تعرض الرسائل بعد ابن بابشاد، وكان كثير الاطلاع عالما بهذا الشأن، مطرحا للتكليف في كلامه،
لا يلتفت ولا يعرج على الاعراب فيه إذا خاطب الناس، وله التصانيف المفيدة، توفي وقد جاوز
الثمانين بثلاث سنين رحمه الله تعالى، والله ﷾ أعلم.
[ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة]
فيها كانت وقعة حطين التي كانت أمارة وتقدمة وإشارة لفتح بيت المقدس، واستنقاذه من