للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعون الواعظ، وقد أثنى على ابن البواب غير واحد من دينه وأمانته، وأما خطه وطريقته فيه فأشهر من أن ننبه عليها، وخطه أوضح تعريبا من خط أبي علي بن مقلة، ولم يكن بعد ابن مقلة أكتب منه، وعلى طريقته الناس اليوم في سائر الأقاليم إلا القليل. قال ابن الجوزي: توفي يوم السبت ثاني جمادى الآخرة منها، ودفن بمقبرة باب حرب، وقد رثاه بعضهم بأبيات منها قوله:

فللقلوب التي أبهجتها حرق … وللعيون التي أقررتها سهر

فما لعيش وقد ودعته أرج … وما لليل وقد فارقته سحر

قال ابن خلكان: ويقال له الستري، لان أباه كان ملازما لستر الباب، ويقال له ابن البواب وكان قد أخذ الخط عن عبد الله بن محمد بن أسد بن علي بن سعيد البزاز، وقد سمع أسد هذا على النجاد وغيره، وتوفي سنة عشر وأربعمائة، وأما ابن البواب فإنه توفي في جمادى الأولى من هذه السنة، وقبل في سنة ثلاث وعشرين (١) وأربعمائة، وقد رثاه بعضهم فقال:

استشعرت (٢) الكتاب فقدك سالفا … وقضت بصحة ذلك الأيام

فلذاك سودت الدوي كآبة … أسفا عليك وشقت الأقلام

ثم ذكر ابن خلكان أول من كتب بالعربية، فقيل إسماعيل ، وقيل أول من كتب بالعربية من قريش حرب بن أمية بن عبد شمس، أخذها من بلاد الحيرة عن رجل يقال له أسلم بن سدرة، وسأله ممن اقتبستها؟ فقال: من واضعها رجل يقال له مرامر بن مروة، وهو رجل من أهل الأنبار. فأصل الكتابة في العرب من الأنبار. وقال الهيثم بن عدي: وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند، وهي حروف متصلة غير منفصلة (٣)، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، وجميع كتابات الناس تنتهي إلى اثنى عشر صنفا وهي العربية، والحميرية، واليونانية، والفارسية، والرومانية (٤)، والعبرانية، والرومية، والقبطية، والبربرية، والهندية، والأندلسية، والصينية. وقد اندرس كثير منها فقل من يعرف شيئا منها.

وفيها توفي من الأعيان …

[علي بن عيسى]

ابن سليمان بن محمد بن أبان، أبو الحسن الفارسي المعروف بالسكري الشاعر، وكان يحفظ


(١) في الوفيات ٣/ ٣٤٣ والكامل ٩/ ٣٢٥: ثلاث عشرة.
(٢) في الوفيات: استشعر.
(٣) في الوفيات ٣/ ٣٤٤: منفصلة غير متصلة.
(٤) في الوفيات: السريانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>