وقد كان ببغداد له حظوة عند الوزير ابن العلقمي، وامتدح المعتصم وخلع عليه خلعة سوداء سنية، ثم قدم دمشق في أيام الناصر صاحب حلب فحظي عنده أيضا فسعى فيه أهل الدولة فصنف فيهم أرجوزة فتح عليهم بسببها بابا فصادرهم الملك بعشرين ألف دينار، فعظموه جدا وتوسلوا به إلى أغراضهم، وله قصيدة في مدح النبي ﷺ، وقد كتب عنه الحافظ الدمياطي شيئا من شعره.
[واقف النفيسية التي بالرصيف]
الرئيس نفيس الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن سلام بن علي بن صدقة الحراني، كان أحد شهود القيمة بدمشق، وولي نظر الأيتام في وقت، وكان ذا ثروة من المال، ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وسمع الحديث ووقف داره دار حديث، توفي يوم السبت بعد الظهر الرابع من ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون بكرة يوم الأحد بعد ما صلي عليه بالأموي.
[الشيخ أبو الحسن المعروف بالساروب الدمشقي]
يلقب بنجم الدين، ترجمه الحريري فأطنب، وذكر له كرامات وأشياء في علم الحروف وغيرها والله أعلم بحاله.
وفيها قتل قازان الأمير نوروز (١) الذي كان إسلامه على يديه، كان نوروز هذا هو الذي استسلمه ودعاه للاسلام فأسلم وأسلم معه أكثر التتر، فإن التتر شوشوا خاطر قازان عليه واستمالوه منه وعنه، فلم يزل به حتى قتله وقتل جميع من ينسب إليه، وكان نوروز هذا من خيار أمراء التتر عند قازان وكان ذا عبادة وصدق في إسلامه وأذكاره وتطوعاته، وقصده الجيد ﵀ وعفا عنه، ولقد أسلم على يديه منهم خلق كثير لا يعلمهم إلا الله، واتخذوا السبح والهياكل وحضروا الجمع والجماعات وقرأوا القرآن والله أعلم.
[ثم دخلت سنة سبع وتسعين وستمائة]
استهلت والخليفة الحاكم والسلطان لاجين ونائب مصر منكوتمر ونائب دمشق قبجق. وفي عاشر صفر تولى جلال الدين بن حسام الدين القضاء مكان أبيه بدمشق، وطلب أبوه إلى مصر
(١) ذكر أبو الفداء في مختصر ٤/ ٣٧ قتله في سنة ٦٩٧ هـ قال: وقتله لأنه نسبه إلى مكاتبة المسلمين ورتب موضع نيروز قطلوشاه (انظر السلوك ١/ ٨٣٧).