للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْتُهُ مَعْرُوفٌ بِالْعِلْمِ وَالْخَطَابَةِ وَالرِّيَاسَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الصوفية وقد قارب الستين (١) رحمه الله.

وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَدِّهِ فَخْرِ الدِّينِ صَاحِبِ دِيوَانِ الْخُطَبِ الْمَشْهُورَةِ، تُوُفِّيَ بِخَانْقَاهِ الْقَصْرِ ظَاهِرِ دِمَشْقَ.

الشَّيْخُ خَضِرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمِهْرَانِيُّ الْعَدَوِيُّ شَيْخُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ بَيْبَرْسَ، كَانَ حَظِيًّا عِنْدَهُ مُكْرَمًا لَدَيْهِ، لَهُ عِنْدَهُ الْمَكَانَةُ الرَّفِيعَةُ، كَانَ السُّلْطَانُ يَنْزِلُ بِنَفْسِهِ إِلَى زَاوِيَتِهِ الَّتِي بَنَاهَا لَهُ فِي الْحُسَيْنِيَّةِ (٢) ، فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَبَنَى لَهُ عِنْدَهَا جَامِعًا يَخْطُبُ فِيهِ لِلْجُمُعَةِ، وَكَانَ يُعْطِيهِ مَالًا كَثِيرًا، وَيُطْلِقُ لَهُ مَا أَرَادَ، وَوَقَفَ عَلَى زَاوِيَتِهِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، وَكَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِسَبَبِ حُبِّ السُّلْطَانِ وَتَعْظِيمِهِ لَهُ، وَكَانَ يُمَازِحُهُ إِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِيهِ خَيْرٌ وَدِينٌ وَصَلَاحٌ، وَقَدْ كَاشَفَ السُّلْطَانَ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ دَخَلَ مَرَّةً كَنِيسَةَ الْقُمَامَةِ بِالْمَقْدِسِ فَذَبَحَ قِسِّيسَهَا بِيَدِهِ، وَوَهَبَ مَا فِيهَا لِأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالْكَنِيسَةِ الَّتِي بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَهِيَ مَنْ أَعْظَمِ كَنَائِسِهِمْ، نَهَبَهَا وَحَوَّلَهَا مَسْجِدًا وَمَدْرَسَةً أَنْفَقَ عَلَيْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَمَّاهَا الْمَدْرَسَةَ الْخَضْرَاءَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِكَنِيسَةِ الْيَهُودِ بِدِمَشْقَ، دَخَلَهَا وَنَهَبَ مَا فِيهَا مِنَ الْآلَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ، وَمَدَّ فِيهَا سِمَاطًا، وَاتَّخَذَهَا مَسْجِدًا مُدَّةً ثُمَّ سَعَوْا إِلَيْهِ فِي رَدِّهَا إِلَيْهِمْ وَإِبْقَائِهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اتَّفَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنَّهُ وَقَعَتْ مِنْهُ أَشْيَاءُ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ وَحُوقِقَ عَلَيْهَا عِنْدَ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ فَظَهَرَ لَهُ مِنْهُ مَا أَوْجَبَ سِجْنَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِإِعْدَامِهِ وَهَلَاكِهِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ (٣) ، وَدُفِنَ بِزَاوِيَتِهِ سَامَحَهُ اللَّهُ، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ يُحِبُّهُ مَحَبَّةً عَظِيمَةً حَتَّى إِنَّهُ سَمَّى بَعْضَ أَوْلَادِهِ خَضِرًا

مُوَافَقَةً لِاسْمِهِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْقُبَّةُ الَّتِي عَلَى الْجَبَلِ غَرْبِيَّ الرَّبْوَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا قُبَّةُ الشَّيْخِ خَضِرٍ.

مُصَنِّفُ التَّعْجِيزِ الْعَلَّامَةُ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الرحيم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ (٤) بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَوْصِلِيُّ، مِنْ بَيْتِ الْفِقْهِ وَالرِّيَاسَةِ وَالتَّدْرِيسِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وتسعين (٥) وخمسمائة، وسمع


(١) ولد بحران سنة ٦١٢ هـ وتوفي بدمشق في ١١ شوال هذه السنة.
(٢) بناها الملك الظاهر لشيخه خضر سنة ٦٦٠ هـ.
ظاهر القاهرة وهي تقع خارج باب الفتوح من القاهرة بخط زقاق الكحل تشرف على الخليج الكبير وقد دفن هذا الاخير بها حين وفاته (اليونيني ٣ - ٦ المقريزي الخطط ٢ / ٤٣٠) .
(٣) بقي معتقلا في حبسه حتى مات سنة ٦٧٥ هـ.
(أبو الفداء ٤ / ١٠) وقيل مات في المحرم سنة ٦٧٦ هـ وقد نيف على الخمسين (اليونيني ٣ / ٥ المقريزي ١ / ٢ / ٦٠٨ ابن فضل الله العمري ٥ / ١٦٧) .
(٤) في اليونيني ٣ / ١٤ وعبر الذهبي ٥ / ٢٩٣،..محمد بن منعة بن محمد.
(٥) في اليونيني ٣ / ١٥: " ولد بقلعة اربل سنة خمس وثلاثين وخمسمائة في بيت صغير منها " وهو بعيد.
(انظر طبقات السبكي ٥ / ٧٢ وتاريخ الظاهر ٢ / ٤٣ وفيه: توفي وقد نيف على الخمسين) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>