للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارعا لطيفا، تردد في الترسل إلى القسطنطينية غير مرة، وحصل كتبا عزيزة أوقفها على جامعي آمد وميافارقين، ودخل يوما على أبي العلاء المعري فقال له: إني معتزل الناس وهم يؤذونني، وتركت لهم الدنيا، فقال له الوزير: والآخرة أيضا. فقال والآخرة يا قاضي؟ قال نعم:. وله ديوان قليل النظير عزيز الوجود، حرص عليه القاضي الفاضل فلم يقدر عليه، توفي فيها. ومن شعره في وادي نزاعة (١):

وقانا لفحة الرمضاء واد … وقاه مضاعف النبت العميم

نزلنا دوحه فحنا علينا … حنو المرضعات على الفطيم

وأرشفنا على ظمأ زلالا … ألذ من المدامة للنديم

يراعي الشمس أنى قابلته … فيحجبها ليأذن للنسيم

تروع حصاه حالية العذارى … فتلمس جانب العقد النظيم (٢)

قال ابن خلكان: وهذه الأبيات بديعة في بابها.

[ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة]

استهلت هذه السنة والموتان كثير في الدواب جدا، حتى جافت بغداد قال ابن الجوزي: وربما أحضر بعض الناس الأطباء لأجل دوابهم فيسقونها ماء الشعير ويطببونها، وفيها حاصر السلطان بن طغرلبك أصبهان فصالحه أهلها على مال يحملونه إليه، وأن يخطب له بها، فأجابوه إلى ذلك. وفيها ملك مهلهل (٣) قرميسين والدينور. وفيها تأمر على بني خفاجة رجل يقال له رجب بن أبي منيع بن ثمال، بعد وفاة بدران بن سلطان بن ثمال، وهؤلاء الاعراب أكثر من يصد الناس عن بيت الله الحرام، فلا جزاهم الله خيرا.

وممن توفي فيها من الأعيان …

[الشيخ أبو محمد الجويني]

إمام الشافعية: عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه (٤) الشيخ أبو محمد الجويني، وهو والد


(١) في تاريخ أبي الفداء ٢/ ١٦٨ وابن الوردي ١/ ٥٢٨: بزاعا: بضم الباء وهي قرية كبيرة ما بين حلب ومنبج في نصف الطريق.
(٢) ينسب الأندلسيون هذه الأبيات إلى الشاعرة حمدونة بنت زياد (انظر نفح الطيب ٤/ ٢٨٩).
(٣) وهو مهلهل بن محمد بن عناز، بعد موت أخيه فارس أبي الشوك.
(٤) من وفيات الأعيان ٣/ ٤٧ والأنساب ٣/ ٢٩ طبقات المفسرين للسيوطي (١٥) طبقات المفسرين للداودي ١/ ٢٥٨، وفي الأصل: حيسويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>