للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب [ذكر] (١) فضائل موسى وشمائله وصفاته ووفائه

قال الله تعالى (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربنا نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا) [مريم: ٥١ - ٥٣] وقال تعالى (قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) [الأعراف: ١٤٤]. وتقدم في الصحيحين عن رسول الله أنه قال: " لا تفضلوني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش فلا أدري أصعق فأفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " (٢) وقدمنا أنه من رسول الله من باب الهضم والتواضع وإلا فهو صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة قطعا جزما لا يحتمل النقيض. وقال تعالى (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط) [النساء: ١٦٣] إلى أن قال (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما) [النساء: ١٦٤] وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) [الأحزاب: ٦٩].

قال الإمام أبو عبد الله البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن روح بن عبادة، عن عوف، عن الحسن. ومحمد وخلاس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : " إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يرى جلده شئ استحياء منه فأذاه من أذاه من بني إسرائيل، فقالوا ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده، إما برص أو أدرة (٣) وإما آفة، وأن الله ﷿ أراد أن يبرأه مما قالوا لموسى فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ، أقبل على ثيابه ليأخذها، وأن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملا من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وبرأه مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا قال فذلك قوله ﷿: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) [الأحزاب: ٦٩] (٤). وقد رواه الإمام أحمد من حديث عبد الله بن


(١) سقطت من النسخ المطبوعة. واستدركت من قصص الأنبياء لابن كثير.
(٢) تقدم تخريجه قريبا في هذا الجزء فليراجع.
(٣) أدرة: فتق في إحدى الخصيتين (قاموس).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٥/ ٢٠، ٦٠/ ٢٨ وأخرجه مسلم في صحيحه ٤٣/ ١٥٥/ ١٥٦ والترمذي في سننه ٤٤/ ٣٣ وأحمد في مسنده ٢/ ٣١٥ - ٣٢٤ - ٣٩٢ - ٥٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>