للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَنَمِهِمُ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ: عَمُّ أَنَسٍ، فقالوا: أبدلناه خَيْرًا مِنْهُ وَلَوْ قَدْ رَجَعْنَا لَهَدَمْنَاهُ، وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ فلمَّا رَجَعُوا هَدَمُوا الصَّنَمَ، وَأَحَلُّوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وحرَّموا مَا حَرَّمَ اللَّهُ.

وفد جعفيّ (١) ذكر أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ أَكْلَ الْقَلْبِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ وَفْدُهُمْ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِ الْقَلْبِ وَأَمَرَ بِهِ فَشُوِيَ وَنَاوَلَهُ رَئِيسَهُمْ وَقَالَ لَا يَتِمُّ إِيمَانُكُمْ حتَّى تَأْكُلُوهُ (هـ؟) حذه وَيَدُهُ تُرْعَدُ فَأَكَلَهُ وَقَالَ: عَلَى أَنِّي أكلتُ القلب كرّهاً * وترعد حين مسَّته بَناني

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم

ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ وَالْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّاراني قَالَ: حدَّثني علقمة بن مرثد (٢) بْنِ سُوَيْدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جدي عن سُوَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ.

قَالَ: وَفَدْتُ سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ قَوْمِي عَلَى

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَكَلَّمْنَاهُ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ سَمْتِنَا وَزِيِّنَا فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ قُلْنَا مُؤْمِنُونَ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَقَالَ " إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حقيقة فما حقيقة قولكم وإيمانكم " قُلْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً، خَمْسٌ مِنْهَا أَمَرَتْنَا بِهَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا، وَخَمْسٌ أَمَرَتْنَا أَنْ نَعْمَلَ بِهَا، وَخَمْسٌ تَخَلَّقْنَا بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنَحْنُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تَكْرَهَ مِنْهَا شَيْئًا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا الْخَمْسَةُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ بِهَا رُسُلِي أَنْ تُؤْمِنُوا بِهَا؟ " قُلْنَا: أَمَرَتْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

قَالَ: " وَمَا الْخَمْسَةُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا؟ " قُلْنَا أَمَرَتْنَا أَنْ نَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَنُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَنُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَنَصُومَ رَمَضَانَ، وَنَحُجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.

فَقَالَ: " وَمَا الْخَمْسَةُ الَّتِي (٣) تخلَّقتم بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ ".

قَالُوا: الشُّكْرُ عِنْدَ الرَّخَاءِ، والصَّبر عِنْدَ البلاء، والرِّضى بِمُرِّ الْقَضَاءِ، وَالصِّدْقُ فِي مُوَاطِنِ اللِّقاء، وَتَرْكُ الشَّمَاتَةَ بِالْأَعْدَاءِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " حُكَمَاءُ عُلَمَاءُ كَادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ " ثُمَّ قَالَ: " وَأَنَا أَزِيدُكُمْ خمساً فيتم لَكُمْ عِشْرُونَ خَصْلَةً إِنْ كُنْتُمْ كَمَا تَقُولُونَ، فَلَا تَجْمَعُوا مَا لَا تَأْكُلُونَ، وَلَا تَبْنُوا ما تسكنون، ولا تنافسوا في شئ أنتم عنه غداً تزولون، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَعَلَيْهِ تُعْرَضُونَ، وارغبوا فيما


(١) بنو جعفى: بطن من سعد العشيرة من القحطانية والنسبة إليهم جعفي، وفد منهم إلى النبي صلى الله عليه وآله قيس بن سلمة، وسلمة بن يزيد، وكتب لقيس كتابا ذكره ابن سعد في الطبقات ج ١ / ٣٢٥.
وبنو جعفى في مخلافهم باليمن بينه وبين اليمن اثنان وثمانون فرسخا.
(٢) في أُسد الغابة والاصابة: علقمة بن يزيد.
(٣) من أسد الغابة، وفي الاصل: الذي.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>