للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ (١) لقيه أمراء الأجناد (٢) أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء (٣) وقع بالشام. فذكر الحديث يعني في مشاورته المهاجرين والأنصار فاختلفوا عليه فجاءه عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا ببعض حاجته فقال: إن عندي من هذا علما سمعت رسول الله يقول: " إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه " (٤). فحمد الله عمر ثم انصرف. وقال الامام: حدثنا حجاج ويزيد المفتي (٥) قالا: حدثنا ابن أبي ذؤيب عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر وهو في الشام عن النبي : " أن هذا السقم عذب به الأمم قبلكم فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال فرجع عمر من الشام " (٦). وأخرجاه من حديث مالك عن الزهري بنحوه.

قال محمد بن إسحاق ولم يذكر لنا مدة لبث حزقيل في بني إسرائيل ثم إن الله قبضه إليه. فلما قبض نسي بنو إسرائيل عهد الله إليهم وعظمت فيهم الاحداث وعبدوا الأوثان وكان في جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يقال له بعل فبعث الله إليهم الياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران. قلت وقد قدمنا قصة إلياس تبعا لقصة الخضر لأنهما يقرنان في الذكر البا ولأجل أنها بعد قصة موسى في سورة الصافات فتعجلنا قصته لذلك والله أعلم. قال محمد بن إسحاق فيما ذكر له عن وهب بن منبه قال ثم تنبأ فيهم بعد إلياس وصيه اليسع بن أخطوب وهذه:

[قصة اليسع ]

وقد ذكره الله تعالى مع الأنبياء في سورة الأنعام في قوله: (وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين) [الانعام: ٨٦] وقال تعالى في سورة ص: (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار) [ص: ٤٨] قال إسحاق بن بشر أبو حذيفة أنبأنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال كان بعد الياس اليسع ، فمكث ما شاء الله أن يمكث يدعوهم


(١) سرغ: هي قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز.
(٢) المراد بالأجناد هنا: مدن الشمس الخمس - وهي فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين قال الامام النووي: هكذا فسروه واتفقوا عليه.
(٣) الوباء: قال الخليل وغيره: الطاعون. قالوا: وكل طاعون وباء وليس كل وباء طاعون والوباء الذي وقع بالشام زمن عمر كان طاعونا وهو طاعون عمواس وهي قرية معروفة بالشام.
(٤) أخرجه مسلم في ٣٩ كتاب السلام ٣٢ باب الطاعون ٩٨/ ٢٢١٩ وأخرجه أحمد في مسنده ج ١/ ١٩٤ والبخاري حديث رقم ٢٢٥٩.
(٥) هو يزيد بن أبي حبيب، سمي بالمفتي لأنه كان مفتي أهل مصر كما قال ابن سعد.
(٦) مسند أحمد ج ١/ ١٩٣ ومسلم ٣٩/ ٣٢/ ١٠٠/ ٢٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>