للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ منه.

[ترجمة المعتمد على الله]

هو أمير المؤمنين المعتمد بن المتوكل بْنِ الْمُعْتَصِمِ بْنِ الرَّشِيدِ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ جعفر بن محمد بن هارون الرشيد مكث فِي الْخِلَافَةِ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَيَّامٍ (١) ، وكان عمره يوم مات خمسين سنة وأشهراً (٢) ، وكان أسن من أخيه الْمُوَفَّقِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَتَأَخَّرَ بَعْدَهُ أَقَلَّ مِنْ سنة، ولم يكن إليه مع أخيه شئ من الأمر حتى أَنَّ الْمُعْتَمِدَ طَلَبَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ ثَلَاثَمِائَةِ دينار فلم يصل إليها فقال الشاعر في ذلك: ومن العجائب في الخلافة أن * ترى ما قل ممتنعاً عليه وتؤخذ الدنا باسمه جميعاً * وما ذاك شئ فِي يَدَيْهِ إِلَيْهِ تُحْمَلُ الْأَمْوَالُ طراًَ * وَيُمْنَعُ بعض ما يجبى إليه (٣) كان المعتمد أَوَّلَ خَلِيفَةٍ انْتَقَلَ مِنْ سَامَرَّا إِلَى بَغْدَادَ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ، بل جعلوا إِقَامَتِهِمْ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ سَبَبَ هَلَاكِهِ فِي مَا ذكره ابن الأثير أنه شرب في تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَرَابًا كَثِيرًا وَتَعَشَّى عَشَاءً كَثِيرًا، وكان وقت وفاته في القصر الحسيني مِنْ بَغْدَادَ، وَحِينَ مَاتَ أَحْضَرَ الْمُعْتَضِدُ الْقُضَاةَ وَالْأَعْيَانَ وَأَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، ثُمَّ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حُمِلَ فَدُفِنَ بسامرا.

وفي صبيحة العزاء بويع للمعتضد وفيها توفي:

[البلاذري المؤرخ]

واسمه أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَابِرِ بْنِ دَاوُدَ أَبُو الْحَسَنِ وَيُقَالُ أَبُو جَعْفَرٍ وَيُقَالُ أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْبَلَاذُرِيُّ صَاحِبُ التَّارِيخِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ، سمع هشام بن عمار وأبا عبيد الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ، وَأَبَا الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيَّ وَجَمَاعَةً، وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ النَّدِيمِ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ قَرْقَارَةَ الأزدي.

قال ابن عساكر: كان أديباً ظهرت لَهُ كُتُبٌ جِيَادٌ، وَمَدَحَ الْمَأْمُونَ بِمَدَائِحَ، وَجَالَسَ المتوكل، وتوفي أيام المعتمد، وحصل له هوس ووسواس في آخر عمره، وروى عنه ابن عساكر قَالَ قَالَ لِي مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ: قُلْ مِنَ الشِّعْرِ مَا يَبْقَى لَكَ ذِكْرُهُ، وَيَزُولُ عَنْكَ إثمه فقلت عند ذلك: اسْتَعْدِّي يَا نَفْسُ لِلْمَوْتِ وَاسْعَيْ * لِنَجَاةٍ فَالْحَازِمُ المستعد


(١) في ابن الاثير: وستة أشهر.
وقال المسعودي: ثلاثاً وعشرين سنة.
(٢) في مروج الذهب ٤ / ٢٢٦: ثمان وأربعين سنة.
(٣) الابيات في كامل ابن الاثير باختلاف ٧ / ٤٥٥ (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>