للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ ذَا يَسْتَعِيرُ لَنَا عُيُونًا * تَنَامُ وَهَلْ تَرَى عَيْنًا تعارُ فَلَا لَيْلِي لَهُ صُبْحٌ مُنِيرٌ * وَلَا وَجْدِي يُقَالُ لَهُ: عثارُ (١) وَكَمْ مِنْ قَائِلٍ وَالْحَيُّ غادٍ * يُحَجَّبُ ظُعْنَهُ النَّقْعُ المثارُ (٢) وُقُوفُكَ فِي الدِّيَارِ وَأَنْتَ حَيٌّ * وَقَدْ رحل الخليط عليك عار وله دو بيت: كَمْ يَذْهَبُ هَذَا الْعُمْرُ فِي الْخُسْرَانِ * مَا أَغْفَلَنِي فِيهِ وَمَا أَنْسَانِي ضَيَّعْتُ زَمَانِي كُلَّهُ فِي لَعِبٍ * يَا عُمْرُ هَلْ بَعْدَكَ عُمْرٌ ثَانِي وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ: ما فعل الله تعالى بك؟ فقال: كنت من ديني عَلَى وجلٍ * زَالَ عَنِّي ذَلِكَ الوجلُ أَمِنَتْ نفسي بوائقها * عشت لما مت لما رجلُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَفَا عَنْهُ.

جَلَالُ الدِّينِ تِكِشٌ وَقِيلَ مَحْمُودُ بْنُ عَلَاءِ الدِّينِ خُوَارَزْمِ شَاهْ مُحَمَّدِ بْنِ تِكِشٍ الْخُوَارَزْمِيُّ، وَهُمْ مِنْ سُلَالَةِ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَتِكِشٌ جَدُّهُمْ هُوَ الَّذِي أَزَالَ دَوْلَةَ السَلْجُوقِيَّةِ.

كَانَتِ التَّتَارُ قَهَرُوا أباه حتى شردوه في البلاد فمات في بعض جَزَائِرِ الْبَحْرِ، ثُمَّ سَاقُوا وَرَاءَ جَلَالِ الدِّينِ هَذَا حَتَّى مَزَّقُوا عَسَاكِرَهُ شَذَرَ مَذَرَ وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ أَيْدِي سَبَا، وَانْفَرَدَ هُوَ وَحْدَهُ فَلَقِيَهُ فَلَّاحٌ مِنْ قَرْيَةٍ بِأَرْضِ مَيَّافَارِقِينَ فَأَنْكَرَهُ لِمَا عليه من الجواهر الذهب، وَعَلَى فَرَسِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا مَلِكُ الْخُوَارَزْمِيَّةِ - وَكَانُوا قَدْ قَتَلُوا لِلْفَلَّاحِ أَخًا - فَأَنْزَلَهُ وَأَظْهَرَ إِكْرَامَهُ، فَلَمَّا نَامَ قَتَلَهُ بِفَأْسٍ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَأَخَذَ مَا عَلَيْهِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى شِهَابِ الدِّينِ غَازِيِّ بْنِ الْعَادِلِ صَاحِبِ مَيَّافَارِقِينَ فَاسْتَدْعَى بِالْفَلَّاحِ فَأَخَذَ مَا كَانَ عليه من الجواهر وأخذ الفرس أيضاً، وكان الأشرف يقول هو سد ما بَيْنَنَا وَبَيْنَ التَّتَارِ، كَمَا أَنَّ السَّدَّ بَيْنَنَا

وَبَيْنَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وعشرين وستمائة فيها عزل القاضيان بدمشق: شمس الخوي وَشَمْسُ الدِّينِ بْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ، ثُمَّ عُزِلَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَأُعِيدَ شَمْسُ الدِّينِ بن سني


(١) عثار: الزلل.
(٢) النقع المثار: الغبار.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>