ثم اتفق خروج ابن الأشتر إليه في سبعة آلاف، وكان مع ابن زياد أضعاف ذلك، ولكن ظفر به ابن الأشتر فقتله شر قتلة على شاطئ نهر الخازر قريبا من الموصل بخمس مراحل.
قال أبو أحمد الحاكم: وكان ذلك يوم عاشوراء قلت: وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين، ثم بعث ابن الأشتر برأسه إلى المختار ومعه رأس حصين بن نمير وشرحبيل بن ذي الكلاع وجماعة من رؤساء أصحابهم، فسر بذلك المختار، فقال يعقوب بن سفيان: حدثني يوسف بن موسى بن جرير، عن يزيد بن أبي زياد قال: لما جئ برأس ابن مرجانة وأصحابه طرحت بين يدي المختار فجاءت حية رقيقة ثم تخللت الرؤوس حتى دخلت في فم ابن مرجانة وخرجت من منخره، ودخلت في منخره وخرجت من فمه، وجعلت تدخل وتخرج من رأسه من بين الرؤوس. ورواه الترمذي من وجه آخر بلفظ آخر فقال: حدثنا واصل بن عبد الأعلى بن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير. قال: لما جئ برأس عبيد الله وأصحابه فنصبت في المسجد في الرحبة، فانتهيت إليها وهم يقولون: قد جاءت قد جاءت، فإذا حية قد جاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد، فمكثت هنيهة ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت ثم قالوا: قد جاءت قد جاءت ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا. قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح.
وقال أبو سليمان بن زيد: وفي سنة ست وستين قالوا فيها قتل ابن زياد والحصين بن نمير، ولي قتلهما إبراهيم بن الأشتر وبعث برأسيهما إلى المختار فبعث بهما إلى ابن الزبير، فنصبت بمكة والمدينة. وهكذا حكى ابن عساكر عن أبي أحمد الحاكم وغيره أن ذلك كان في سنة ست وستين، زاد أبو أحمد في يوم عاشوراء، وسكت ابن عساكر عن ذلك، والمشهور أن ذلك كان في سنة سبع وستين كما ذكره ابن جرير وغيره، ولكن بعث الرؤوس إلى ابن الزبير (١) في هذه السنة متعذر لان العداوة كانت قد قويت وتحققت بين المختار وابن الزبير في هذه السنة، وعما قليل أمر ابن الزبير أخاه مصعبا أن يسير من البصرة إلى الكوفة لحصار المختار وقتاله والله أعلم.
مقتل المختار بن أبي عبيد على يدي مصعب بن الزبير
كان عبد الله بن الزبير قد عزل في هذه السنة عن نيابة البصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المعروف بالقباع، وولاها لأخيه مصعب بن الزبير، ليكون ردا وقرنا وكفء للمختار، فلما قدم مصعب البصرة دخلها متلثما فيمم المنبر، فلما صعده قال الناس: أمير أمير، فلما كشف اللثام عرفه الناس فأقبلوا إليه، وجاء القباع فجلس تحته بدرجة، فلما اجتمع الناس قام مصعب خطيبا فاستفتح القصص حتى بلغ: … (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا) *