للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زينب بنت جحش ابن رباب الْأَسَدِيَّةُ مِنْ أَسَدِ خُزَيْمَةَ أَوَّلُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاةً، أُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ اسمها برة، فسماها رسول الله زَيْنَبَ، وَتُكَنَّى أُمَّ الْحَكَمِ، وَهِيَ الَّتِي زَوَّجَهُ اللَّهُ بِهَا، وَكَانَتْ تَفْتَخِرُ بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهْلُوكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى * (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا) * الْآيَةَ [الْأَحْزَابِ: ٣٧] .

وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ مَوْلَاهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَلَمَّا طَلَّقَهَا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَقِيلَ أَرْبَعٍ وَهُوَ الْأَشْهَرُ.

وَقِيلَ سَنَةِ خَمْسٍ وَفِي دُخُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَا نَزَلَ الْحِجَابُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ.

وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِي عَائِشَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ فِي الْجَمَالِ وَالْحُظْوَةِ، وَكَانَتْ دَيِّنَةً وَرِعَةً عَابِدَةً كَثِيرَةَ الصَّدَقَةِ.

وَذَاكَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ " أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا " أَيْ

بِالصَّدَقَةِ.

وَكَانَتِ امْرَأَةً صَنَاعًا تَعْمَلُ بِيَدَيْهَا وَتَتَصَدَّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ وأتقى الله وَأَصْدَقَ حَدِيثًا وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ وَأَعْظَمَ أَمَانَةً وَصَدَقَةً مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ.

وَلَمْ تَحُجَّ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَا هِيَ وَلَا سَوْدَةُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَزْوَاجِهِ " هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورُ الْحُصْرِ " وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فكن يخرجن إلى الحج وقالتا زَيْنَبُ وَسَوْدَةُ: وَاللَّهِ لَا تُحَرِّكُنَا بَعْدَهُ دَابَّةٌ.

قَالُوا: وَبَعَثَ عُمَرُ إِلَيْهَا فَرْضَهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَتَصَدَّقَتْ بِهِ فِي أَقَارِبِهَا.

ثُمَّ قَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُنِي عَطَاءُ عُمَرَ بَعْدَ هَذَا.

فَمَاتَتْ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَصَلَّى عَلَيْهَا عُمَرُ.

وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ صُنِعَ لَهَا النَّعْشُ، وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ.

صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ الرَّسُولِ وَهِيَ أُمُّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَهِيَ شَقِيقَةُ حَمْزَةَ وَالْمُقَوَّمِ وَحَجْلَ، أُمُّهُمْ هَالَةَ بِنْتَ وُهَيْبِ (١) بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهرة.

لَا خِلَافَ فِي إِسْلَامِهَا وَقَدْ حَضَرَتْ يَوْمَ أُحُدٍ وَوَجَدَتْ على أخيها حمزة وجدا كيثرا، وَقَتَلَتْ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ جَاءَ فجعل يطوف بِالْحِصْنِ الَّتِي هِيَ فِيهِ وَهُوَ فَارِعٌ حِصْنِ حَسَّانَ فَقَالَتْ لِحَسَّانَ: انْزِلْ فَاقْتُلْهُ، فَأَبَى، فَنَزَلَتْ إِلَيْهِ فَقَتَلَتْهُ ثُمَّ قَالَتْ: انْزِلْ فَاسْلُبْهُ فَلَوْلَا أَنَّهُ رَجُلٌ لَاسْتَلَبْتُهُ.

فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.

وَكَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْلَامِ مَنْ عَدَاهَا مِنْ عَمَّاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: أَسْلَمَتْ أَرَوَى وَعَاتِكَةُ.

قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ الْحَافِظُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُنَّ غَيْرُهَا (٢) .

وَقَدْ تَزَوَّجَتْ أَوَّلًا بِالْحَارِثِ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ.

ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا الْعَوَّامَ بْنَ خُوَيْلِدٍ فَوَلَدَتْ لَهُ الزبير وعبد الكعبة.

وقيل تزوج بها الْعَوَّامُ بِكْرًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ تُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ عشرين عن ثلاث وسبعين سنة


(١) كذا في الاصل وابن سعد والاستيعاب وفي الاصابة: وهب.
(٢) وفي ابن سعد أن أروى وعاتكة اسلمتا بمكة وهاجرتا إلى المدينة، ٨ / ٤٢ - ٤٤.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>