للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْحَمَّامِ الَّذِي بناه بهاء الدين بن عليم بِزُقَاقِ الْمَاجِيَّةِ مِنْ قَاسِيُونَ بِالْقُرْبِ مِنْ سَكَنِهِ، وَانْتَفَعَ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ.

وخرج الركب الشامي يوم الخميس ثام شوال وأميره سيف الدين بلبطي نَائِبُ الرَّحْبَةِ، وَكَانَ سَكَنُهُ دَاخِلَ بَابِ الْجَابِيَةِ بِدَرْبِ ابْنِ صَبْرَةَ، وَقَاضِيهِ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ النقيب قاضي حمص.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ أَبِي الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ أَبِي الْعِزِّ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْعِزِّ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عطاء بن جبير بن كابن بْنِ وُهَيْبٍ الْأَذْرَعِيُّ الْحَنَفِيُّ، أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ وأئمتهم وفصلائهم فِي فُنُونٍ مِنَ الْعُلُومِ مُتَعَدِّدَةٍ، حَكَمَ نِيَابَةً نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ سَدِيدَ الْأَحْكَامِ مَحْمُودَ السِّيرَةِ جَيِّدَ الطَّرِيقَةِ كَرِيمَ الْأَخْلَاقِ، كَثِيرَ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَخَطَبَ في جامع الْأَفْرَمِ مُدَّةً، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ بِهِ، وَدَرَّسَ بِالْمُعَظَّمِيَّةِ وَالْيَغْمُورِيَّةِ وَالْقِلِيجِيَّةِ (١) وَالظَّاهِرِيَّةِ، وَكَانَ نَاظِرَ أَوْقَافِهَا، وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالْإِفْتَاءِ، وَكَانَ كَبِيرًا مُعَظَّمًا مَهِيبًا، تُوُفِّيَ بَعْدَ مَرْجِعِهِ مِنَ الْحَجِّ بِأَيَّامٍ قَلَائِلَ، يَوْمَ الْخَمِيسِ سَلْخِ الْمُحَرَّمِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ الظُّهْرِ بِجَامِعِ الْأَفْرَمِ وَدُفِنَ عِنْدَ الْمُعَظَّمِيَّةِ عِنْدَ أَقَارِبِهِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً، وَشَهِدَ له الناس بالخير وغبطوه لهذه الموتة رحمه الله.

ودرس بعده في الظاهرية نجم الدين الفقجازي، وفي المعظمية والقليجية والخطابة بالافرم ابْنُهُ عَلَاءُ الدِّينِ، وَبَاشَرَ بَعْدَهُ نِيَابَةَ الْحُكْمِ الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ الطَّرَسُوسِيُّ، مُدَرِّسُ الْقَلْعَةِ.

الشَّيْخُ الإمام العالم أبو إسحاق بَقِيَّةُ السَّلَفِ رَضِيُّ الدِّينِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن أبي بكر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ الْمَكِّيُّ الشَّافِعِيُّ، إِمَامُ الْمَقَامِ (٢) أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ شُيُوخِ بَلَدِهِ وَالْوَارِدَيْنِ إِلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِحْلَةٌ، وَكَانَ يُفْتِي النَّاسَ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَيُذْكَرُ أَنَّهُ اخْتَصَرَ شَرْحَ السُّنَّةِ للبغوي.

تُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ بَعْدَ الظُّهْرِ ثَامِنِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِمَكَّةَ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ، وَكَانَ مِنْ أئمة المشايخ.


(١) المدرسة القليجية بدمشق، أوصى بوقفها الأمير سيف الدين علي بن قليج السوري المتوفى سنة ٦٤٣ هـ (الدارس ١ / ٥٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>