للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساقه ووثبت رجله فلما عصبها استكن ما به لما هو فيه من الامر الباهر ولما أراد المشي أعين على ذلك لما هو فيه من الجهاد النافع، ثم لما وصل إلى رسول الله واستقرت نفسه ثاوره الوجع في رجله فلما بسط رجله ومسح رسول الله ذهب ما كان بها من بأس في الماضي ولم يبق بها وجع يتوقع حصوله في المستقبل جمعا بين هذه الرواية والتي تقدمت والله أعلم. هذا وقد ذكر موسى بن عقبة في مغازيه مثل سياق محمد بن إسحاق وسمى الجماعة الذين ذهبوا إليه كما ذكره ابن إسحاق وإبراهيم وأبو عبيد.

[مقتل خالد بن سفيان الهذلي]

ذكره الحافظ البيهقي في الدلائل تلو مقتل أبي رافع (١). قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه قال: دعاني رسول الله فقال: إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني وهو بعرنة (٢) فائته فاقتله. قال: قلت: يا رسول الله انعته لي، حتى أعرفه. قال: إذا رأيته وجدت له قشعريرة. قال: فخرجت متوشحا سيفي، حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا، وحين كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله من القشعريرة، فأقبلت نحوه، وخشيت أن يكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه، أومئ برأسي للركوع والسجود فلما انتهيت إليه قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاءك لذلك. قال: أجل أنا في ذلك قال فمشيت معه شيئا، حتى إذا أمكنني، حملت عليه السيف حتى قتلته، ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله فرآني قال: أفلح الوجه قال: قلت: قتلته يا رسول الله. قال: صدقت. قال: ثم قام معي رسول الله فدخل في بيته فأعطاني عصا فقال: أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس. قال: فخرجت بها على الناس، فقالوا: ما هذه العصا؟ قال: قلت: أعطانيها رسول الله وأمرني أن أمسكها. قالوا: أو لا ترجع إلى رسول الله فتسأله عن ذلك. قال: فرجعت إلى رسول الله فقلت: يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا؟ قال: آية بيني وبينك يوم القيامة إن أقل الناس المتخصرون (٣) يومئذ. قال فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه، حتى إذا مات أمر بها فضمت في كفنه ثم دفنا جميعا (٤). ثم رواه الإمام أحمد: عن يحيى بن آدم، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير عن بعض


(١) دلائل النبوة ج ٤/ ٤٠ باب قتل ابن نبيح الهذلي.
(٢) عرنة: موضع بقرب عرفة موقف الحجيج. معجم ما استعجم ٣/ ٩٣٥.
(٣) المتخصرون: المتكئون على المخاصر وهي العصي، واحدتها: مخصرة.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج ٣/ ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>