للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهَا صَدَقَاتٌ كَثِيرَةٌ دَارَّةٌ، وَقَدْ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتٍ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ عَلَى صَدَاقِ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَقَدْ كانت كارهة لذلك، فحصل مقصودها وطلبتها.

الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ فَاطِمَةُ خَاتُونَ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن العميد، كانت عَابِدَةً زَاهِدَةً، عُمِّرَتْ مِائَةَ سَنَةٍ وَسِتَّ سِنِينَ، كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتٍ أَمِيرُ الْجُيُوشِ مطر وَهِيَ بِكْرٌ، فَبَقِيَتْ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَهُ، بَلِ اشْتَغَلَتْ بِذِكْرِ اللَّهِ عزوجل والعبادة، رحمها الله.

وفيها أنفذ الخليفة الناصر الْعَبَّاسِيُّ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَبْيَاتِ عَدِيِّ بن زيد المشهورة ما يناسبها من الشعر، وَلَوْ بَلَغَ ذَلِكَ عَشْرَ مُجَلَّدَاتٍ، وَهِيَ هَذِهِ الأبيات: أيها الشامت المعير بالده * ر أَأَنْتَ الْمُبَرَّأُ الْمَوْفُورُ أَمْ لَدَيْكَ الْعَهْدُ الْوَثِيقُ مِنَ الْ * أَيَّامِ، بَلْ أَنْتَ جاهلٌ مَغْرُورُ مَنْ رَأَيْتَ الْمَنُونَ خلدت أَمْ مَنْ * ذَا عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يُضَامَ خفير أين كسرى كسر الملوك أبو * ساسان أَمْ أَيْنَ قَبْلَهُ سَابُورُ؟ وَبَنُو الْأَصْفَرِ الْمُلُوكُ ملوك الر * وم لَمْ يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ وَأَخُو الْحَضْرِ إِذْ بناه وإذ * دجلة تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلله كلسا * فَلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وُكُورُ لَمْ تَهَبْهُ رَيْبُ المنون فزا * ل الْمُلْكُ عَنْهُ فَبَابُهُ مَهْجُورُ وَتَذَكَّرْ رَبَّ الْخَوَرْنَقِ إِذْ * أشرف يوماً وللهندي (١) تكفير سره حاله وكثرة ما * يملك وَالْبَحْرُ مُعْرِضًا وَالسَّدِيرُ فَارْعَوَى قَلْبُهُ وَقَالَ وَمَا * غبطة حي إلى الممات يصير ثم بعد النعيم والملك والنهي وال * أمر وارتهم هناك قبور

ثم أضحوا كأنهم أورق (٢) جف * ت فألوت بها الصبا والدبور غير أن الأيام تختص بالمرء * وفيها لعمري العظات والتفكير


(١) في معجم البلدان (خورنق) : وتبين..وللهدى تفكير.
قيل والخورنق قصر بناه النعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن مرة كان من أشد الملوك بأسا، أشرف يوما على النجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان فقال لوزيره: أرأيت مثل هذا المنظر وحسنه.
فقال: لو كان يدوم.
فقال: ما الذي يدوم.
قال: ما عند الله في الآخرة وينال ذلك بترك الدنيا وعبادة الله.
فترك ملكه في ليلته واختفى هاربا ... فقال عدي بن زيد هذه الأبيات.
(٢) في معجم البلدان: ثم صاروا كأنهم ورق.. (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>