للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكذبان جميعاً * ومن يُصَدَّقُ مِنَّا؟ وَفِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عصفت ريح شديدة فألقت وحلاً أحمر في طرقات بغداد.

فيها هَبَّتْ عَلَى الْحُجَّاجِ رِيحٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ وَاعْتَرَضَهُمُ الْأَعْرَابُ فَصَدُّوهُمْ عَنِ السَّبِيلِ، وَاعْتَاقُوهُمْ حَتَّى فَاتَهُمُ الحج فَرَجَعُوا، وَأَخَذَتْ بَنُو هِلَالٍ طَائِفَةً مِنْ حُجَّاجِ الْبَصْرَةِ نَحْوًا مِنْ سِتِّمِائَةِ وَاحِدٍ، وَأَخَذُوا مِنْهُمْ نحواً من ألف ألف دينار، وكانت الخطبة فيها للمصريين.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ ... عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو أحمد الطبراني، سمع بمكة وبغداد وغيرهما من البلاد، وكان مكرماً، سَمِعَ مِنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ ثُمَّ أَقَامَ بِالشَّامِ بِالْقُرْبِ مِنْ جَبَلٍ عِنْدَ بَانْيَاسَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى أَنْ مَاتَ في ربيع الأول منها.

محمد بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو مُسْلِمٍ كَاتِبُ الوزير بن خنزابة، رَوَى عَنِ الْبَغَوِيِّ وَابْنِ صَاعِدٍ وَابْنِ دُرَيْدٍ وَابْنِ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْبَغَوِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْفَهْمِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ البغوي لأن أصله كان غالباً مَفْسُودًا.

وَذَكَرَ الصُّورِيُّ أَنَّهُ خَلَطَ فِي آخِرِ عمره.

أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَبْدِ الواحد (١) بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصَّدَفِيُّ الْمِصْرِيُّ، صَاحِبُ كِتَابِ الزِّيجِ الْحَاكِمِيِّ فِي أربع مجلدات، كان أبوه من كبار المحدثين الحفاظ، وقد وضع لمصر تاريخاً نافعاً يرجع العلماء إليه فيه، وأما هذا فإنه اشتغل في علم النُّجُومِ فَنَالَ مِنْ شَأْنِهِ مَنَالًا جَيِّدًا، وَكَانَ شَدِيدَ الِاعْتِنَاءِ بِعِلْمِ الرَّصْدِ وَكَانَ مَعَ هَذَا مغفلا سئ الْحَالِ، رَثَّ الثِّيَابِ، طَوِيلًا يَتَعَمَّمُ عَلَى طُرْطُورٍ طَوِيلٍ وَيَتَطَيْلَسُ فَوْقَهُ، وَيَرْكَبُ حِمَارًا فَمَنْ رَآهُ ضحك منه، وكان يدخل عل الْحَاكِمِ فَيُكْرِمُهُ وَيَذْكُرُ مِنْ تَغَفُّلِهِ مَا يَدُلُّ على اعْتِنَائِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ، وَكَانَ شَاهِدًا مُعَدَّلًا، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ، فَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ:


(١) في ابن خلكان ٣ / ٤٢٩: وشذرات الذهب ٣ / ١٥٦: عبد الرحمن (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>