للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تقبلن الدهر ما عشت خطة … تسب بها إما هبطت المواسما

وول سبيل العجز غيرك منهم … فإنك لم تخلق على العجز لازما

وحارب فإن الحرب نصف ولن ترى … أخا الحرب يعطى الخسف حتى يسالما

وكيف ولم يجنوا عليك عظيمة … ولم يخذلوك غانما أو مغارما

جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا … وتيما ومخزوما عقوقا ومأثما

بتفريقهم من بعد ود وألفة … جماعتنا كيما ينالوا المحارما

كذبتم وبيت الله نبزى محمدا … ولما تروا يوما لدى الشعب قائما

قال ابن هشام: وبقي منها بيت تركناه.

[عزم الصديق على الهجرة إلى الحبشة]

قال ابن إسحاق: وقد كان أبو بكر الصديق كما حدثني محمد بن مسلم [ابن شهاب] الزهري عن عروة عن عائشة، حين ضاقت عليه مكة وأصابه فيها الأذى، ورأى من تظاهر قريش على رسول الله وأصحابه ما رأى، استأذن رسول الله في الهجرة فأذن له، فخرج أبو بكر مهاجرا، حتى إذا سار من مكة يوما - أو يومين - لقيه ابن الدغنة (١) أخو بني الحارث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد الأحابيش (٢). قال الواقدي: اسمه الحارث بن يزيد أحد بني بكر من عبد مناة بن كنانة. وقال السهيلي: اسمه مالك. فقال: إلى أين يا أبا بكر؟ قال أخرجني قومي وآذوني وضيقوا علي. قال ولم؟ فوالله إنك لتزين العشيرة، وتعين على النوائب، وتفعل المعروف وتكسب المعدوم. أرجع فإنك في جواري. فرجع معه حتى إذا دخل مكة قام معه ابن الدغنة فقال: يا معشر قريش، إني قد أجرت ابن أبي قحافة فلا يعرض له أحد إلا بخير. قالت (٣): فكفوا عنه. قالت: وكان لأبي بكر مسجد عند باب داره في بني جمح فكان يصلي فيه، وكان رجلا رقيقا إذا قرأ القرآن استبكى قالت: فيقف عليه الصبيان والعبيد والنساء يعجبون لما يرون من هيئته، قالت: فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة. فقالوا


(١) ابن الدغنة ويقال ابن الدغينية ضبطه القسطلاني والزرقاني. بفتح الدال وكسر الغين وفتح النون المخففة وأهل اللغة: بضم الدال والغين وفتح النون المشددة. وهو ربيعة بن رفيع أهبان بن ثعلبة السلمي، والدغنة: أمه غلبت على اسمه شهد حنينا ثم قدم على النبي في بني تميم.
(٢) الأحابيش: قال ابن إسحاق: الأحابيش بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، والهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو المصطلق، وقيل سموا بالأحابيش لأنهم تحالفوا جميعا بواد يقال له الأحبش بأسفل مكة، ويقال تحالفوا عند جبيل يقال له: حبشي، فسموا بذلك.
(٣) من ابن هشام: وفي الأصل: قال، فراوية الخبر: عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>