للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المستهزئون بالنَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وما ظهر فيهم] (١) فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ حِينَ مَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهَا وَقَامَ عَمُّهُ وَقَوْمُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ المطَّلب دُونَهُ وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا أَرَادُوا من البطش به، يهمزونه ويستهزؤن بِهِ وَيُخَاصِمُونَهُ، وَجَعَلَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ فِي قُرَيْشٍ بِأَحْدَاثِهِمْ، وَفِيمَنْ نَصَبَ لِعَدَاوَتِهِ، مِنْهُمْ مَنْ سَمَّى لَنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ نَزَلَ [فِيهِ] الْقُرْآنُ فِي عَامَّةٍ مَنْ ذَكَرَ اللَّهُ مِنَ الْكُفَّارِ.

فَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَبَا لَهَبٍ وَنُزُولَ السُّورَةِ فِيهِ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَنُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى: " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) السُّورَةِ بِكَمَالِهَا فِيهِ.

وَالْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ وَنُزُولَ قَوْلِهِ: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً) [مريم: ٧٧] فيه.

وقد تقدم شئ مِنْ ذَلِكَ.

وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَقَوْلَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَتْرُكَنَّ سَبَّ آلهتنا أو لنسبن إلهك (٢) [الذي تعبد] (٣) وَنُزُولَ قَوْلِ اللَّهِ فِيهِ: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الانعام: ١٠٨] الآية.

وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ (٤) - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَلْقَمَةُ بْنُ كَلَدَةَ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ - وَجُلُوسَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجَالِسِهِ حَيْثُ يَتْلُو الْقُرْآنَ وَيَدْعُو إِلَى اللَّهِ، فَيَتْلُو عَلَيْهِمُ النَّضْرُ شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِ رُسْتُمَ وَأَسْفَنْدِيَارَ وَمَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنَ الْحُرُوبِ فِي زَمَنِ الْفُرْسِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مُحَمَّدٌ بِأَحْسَنَ حَدِيثًا مِنِّي، وَمَا حَدِيثُهُ إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكتتبها كما اكتتبها، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفرقان: ٥] وَقَوْلَهُ: (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) [الجاثية: ٧] .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَجَلَسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنَا - يَوْمًا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَجَاءَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ حتى جلس معهم [في المجلس] ، وَفِي الْمَجْلِسِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ، فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ لَهُ النَّضْرُ، فَكَلَّمَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَفْحَمَهُ، ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِ

وَعَلَيْهِمْ: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يسمعون) [الْأَنْبِيَاءِ: ٩٨ - ١٠٠] .

ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ حَتَّى جَلَسَ.

فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ له: والله ما قام والله ما مقام النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ لِابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آنِفًا وَمَا قَعَدَ، وَقَدْ زَعَمَ مُحَمَّدٌ أَنَّا وَمَا نَعْبُدُ مِنْ آلِهَتِنَا هَذِهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ (٥) .

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ وجدته لخصمته، فسلوا


(١) سقطت من الاصول: واستدرك لزيادة الايضاح.
(٢) من ابن هشام، وفي الاصل آلهتك وهو تحريف.
(٣) ما بين معقوفتين استدركت من ابن هشام.
(٤) قال الخشني: والصواب علقمة بن كلدة.
(٥) حصب جهنم: كل ما أوقدت به.
قال أبو ذؤيب الهذلي: فأطفئ ولا توقد ولا تك محصبا * لنار العداة أن تطير شكاتها (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>