للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها زكي الدين أبو الغورية أحد المعدلين بدمشق.

وبدر الدين بن السني أَحَدُ رُؤَسَائِهَا.

وَعِزُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أبي طالب بن عبد الغفار الثعلبي أبي الحسين، وَهُوَ سِبْطُ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ بْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَفَا عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

ثُمَّ دخلت سنة خمس وخمسين وستمائة فِيهَا أَصْبَحَ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ صَاحِبُ مِصْرَ عِزُّ الدين أيبك بداره ميتاً وقد ولي الملك بعد أستاذ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ بِشُهُورٍ.

كَانَ فِيهَا ملك توران شاه المعظم بن الصالح، ثم خلفته شجرة الدُّرِّ أَمُّ خَلِيلٍ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ أُقِيمَ هُوَ فِي الْمُلْكِ، وَمَعَهُ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ النَّاصِرِ يُوسُفَ بْنِ أَقْسِيسَ بْنِ الْكَامِلِ مُدَّةً، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِالْمُلْكِ بِلَا مُنَازَعَةٍ، وَكَسَرَ النَّاصِرَ لَمَّا أَرَادَ أَخْذَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَقَتَلَ الْفَارِسَ أَقَطَايَ فِي سِنَةِ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَخَلَعَ بَعْدَهُ الْأَشْرَفَ وَاسْتَقَلَّ بِالْمُلْكِ وَحْدَهُ، ثُمَّ تزوج بشجرة الدر أم خليل.

وكان كريماً شجاعاً حيياً دَيِّنًا، ثُمَّ كَانَ مَوْتُهُ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ (١) الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهُوَ وَاقِفُ المدرسة المعزية بِمِصْرَ وَمَجَازُهَا مِنْ أَحْسَنِ الْأَشْيَاءِ، وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ لَيْسَتْ بِتِلْكَ الْفَائِقَةِ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ.

وَلَمَّا قُتِلَ رحمه الله فاتهم مماليكه زوجته أم خليل شجرة الدر به، وقد كان عزم على تزوج ابْنَةِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ بَدْرِ الدِّينِ لُؤْلُؤٍ، فَأَمَرَتْ جَوَارِيَهَا أَنْ يُمْسِكْنَهُ لَهَا فَمَا زَالَتْ تَضْرِبُهُ بقباقيبها والجواري يعركن في معاربه حتى مات وهو كذلك (٢) ، ولما سمعوا مَمَالِيكُهُ أَقْبَلُوا بِصُحْبَةِ مَمْلُوكِهِ الْأَكْبَرِ سَيْفِ الدِّينِ قُطُزَ، فَقَتَلُوهَا وَأَلْقَوْهَا عَلَى مَزْبَلَةٍ غَيْرَ مَسْتُورَةِ الْعَوْرَةِ، بَعْدَ الْحِجَابِ الْمَنِيعِ وَالْمَقَامِ الرَّفِيعِ، وَقَدْ عَلَّمَتْ عَلَى الْمَنَاشِيرِ وَالتَّوَاقِيعِ، وَخَطَبَ الْخُطَبَاءُ بِاسْمِهَا، وَضُرِبَتِ السِّكَّةُ بِرَسْمِهَا، فَذَهَبَتْ فَلَا تُعْرَفُ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَيْنِهَا وَلَا رَسْمِهَا (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ

تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شئ قَدِيرٌ) [آل عمران: ٢٦] وَأَقَامَتِ الْأَتْرَاكُ بَعْدَ أُسْتَاذِهِمْ عِزِّ الدِّينِ أَيْبَكَ التُّرْكُمَانِيِّ، بِإِشَارَةِ أَكْبَرِ مَمَالِيكِهِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ قُطُزَ، وَلَدَهُ نُورَ الدِّينِ عَلِيًّا (٣) وَلَقَّبُوهُ الْمَلِكَ الْمَنْصُورَ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ وَضُرِبَتِ السِّكَّةُ بِاسْمِهِ وَجَرَتِ الْأُمُورُ عَلَى مَا يَخْتَارُهُ بِرَأْيِهِ وَرَسْمِهِ.

وَفِيهَا كَانَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ الرَّافِضَةِ وأهل السنة، فنهب الكرخ ودور الرافضة حتى


(١) في بدائع الزهور ١ / ١ / ٢٩٤: يوم الأربعاء خامس وعشرين ربيع الأول.
(٢) في تاريخ أبي الفداء ٣ / ١٩٢: قتله سنجر الجوهري مملوك الطواشي والخدام.
وفي بدائع ابن إياس، ندبت له خمسة من الخدام الروم، فدخل عليهما هؤلاء وبأيديهم سيوف مسلولة، فدخلوا عليه الحمام فقتلوه في الحمام خنقا.
(١ / ١ / ٢٩٤) .
(٣) قال ابن إياس: بويع بالسلطنة يوم الخميس سادس عشرين ربيع الأول ٦٥٥ وكان له من العمر إحدى وعشرين سنة (١ / ١ / ٢٩٦) وفي تاريخ أبي الفداء ٣ / ١٩٢: وعمره يومئذ خمس عشرة سنة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>