للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نسبه، وهو أبو واثلة المزني قاضي البصرة، وهو تابعي ولجده صحبة، وكان يضرب المثل بذكائه. روى عن أبيه عن جده مرفوعا في الحياء عن أنس وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب ونافع وأبي مجلز، وعنه الحمادان وشعبة والأصمعي وغيرهم. قال عنه محمد بن سيرين: إنه لفهم إنه لفهم، وقال محمد بن سعد والعجلي وابن معين والنسائي: ثقة. زاد بن سعد وكان عاقلا من الرجال فطنا، وزاد العجلي وكان فقيها عفيفا، وقدم دمشق في أيام عبد الملك بن مروان، ووفد على عمر بن عبد العزيز، ومرة أخرى حين عزله عدي بن أرطأة عن قضاء البصرة. قال أبو عبيدة وغيره: تحاكم إياس وهو صبي شاب وشيخ إلى قاضي عبد الملك بن مروان بدمشق، فقال له القاضي: إنه شيخ وأنت شاب فلا تساوه في الكلام، فقال إياس: إن كان كبيرا فالحق أكبر منه، فقال له القاضي: اسكت، فقال: ومن يتكلم بحجتي إذا سكت؟ فقال القاضي: ما أحسبك تنطق بحق في مجلسي هذا حتى تقوم، فقال إياس: أشهد أن لا إله إلا الله، زاد غيره فقال القاضي: ما أظنك إلا ظالما له، فقال: ما على ظن القاضي خرجت من منزلي. فقام القاضي فدخل على عبد الملك فأخبره خبره فقال: اقض حاجته وأخرجه الساعة من دمشق لا يفسد على الناس.

وقال بعضهم: لما عزله عدي بن أرطاة عن قضاء البصرة فر منه إلى عمر بن عبد العزيز فوجده قد مات، فكان يجلس في حلقة في جامع دمشق، فتكلم رجل من بني أمية فرد عليه إياس، فأغلظ له الأموي فقام إياس، فقيل للأموي: هذا إياس بن معاوية المزني، فلما عاد من الغد اعتذر له الأموي وقال: لم أعرفك، وقد جلست إلينا بثياب السوقة وكلمتنا بكلام الاشراف فلم نحتمل ذلك.

وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا نعيم بن حماد، ثنا ضمرة، عن أبي شوذب قال: كان يقال يولد في كل مائة سنة رجل تام العقل، فكانوا يرون أن إياس بن معاوية منهم. وقال العجلي: دخل على إياس ثلاث نسوة فلما رآهن قال: أما إحداهن فمرضع، والأخرى بكر، والأخرى ثيب، فقيل له بم علمت هذا؟ فقال: أما المرضع فكلما قعدت أمسكت ثديها بيدها، وأما البكر فكلما دخلت لم تلتفت إلى أحد، وأما الثيب فكلما دخلت نظرت ورمت بعينها. وقال يونس بن صعلب. ثنا الأحنف بن حكيم بأصبهان، ثنا حماد بن سلمة، سمعت إياس بن معاوية يقول: أعرف الليلة التي ولدت فيها، وضعت أمي على رأسي جفنة. وقال المدائني: قال إياس بن معاوية لامه: ما شئ سمعته وأنت حامل بي وله جلبة شديدة؟ قالت: ذاك طست من نحاس سقط من فوق الدار إلى أسفل، ففزعت فوضعتك تلك الساعة. وقال أبو بكر الخرائطي عن عمر بن شيبة النميري قال: بلغني أن إياسا قال: ما يسرني أن أكذب كذبة يطلع عليها أبي معاوية. وقال: ما خاصمت أحدا من أهل الأهواء بعقلي كله إلا القدرية، قلت لهم أخبروني عن الظلم ما هو؟ قالوا: أخذ الانسان ما ليس له، قلت: فإن الله له كل شئ قال بعضهم عن إياس قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>