للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُجْلِيَهُمْ وَيَكُفَّ عَنْ دِمَائِهِمْ، عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ مِنْ أموالهم إلا الحلقة (١) .

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَعْطَى كُلَّ ثلاثة بعيراً يعتقبونه وسقا (٢) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَى: مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ محمد عن الزُّهْرِيِّ (٣) عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مْسَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه إليه بَنِي النَّضِيرِ، وَأَمَرَهُ أَنْ

يُؤَجِّلَهُمْ فِي الْجَلَاءِ ثَلَاثَ لَيَالٍ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَتْ لهم ديون مؤجلة فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعُوا وَتَعَجَّلُوا.

وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَاحْتَمَلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ الْإِبِلُ فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَهْدِمُ بَيْتَهُ عَنْ نِجَافِ (٤) بَابِهِ، فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ فَيَنْطَلِقُ بِهِ فَخَرَجُوا إِلَى خَيْبَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ إِلَى الشَّامِ.

فَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ مَنْ ذَهَبَ مِنْهُمْ إِلَى خَيْبَرَ: سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ، وَكِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ، وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فَلَمَّا نَزَلُوهَا دَانَ لَهُمْ أَهْلُهَا.

فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حُدِّثَ: أَنَّهُمُ اسْتُقْبِلُوا بِالنِّسَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْأَمْوَالِ، مَعَهُمُ الدُّفُوفُ وَالْمَزَامِيرُ، وَالْقِيَانُ يَعْزِفْنَ خَلْفَهُمْ بزهاء وفخر ما رؤي مِثْلُهُ لِحَيٍّ مِنَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ.

قَالَ: وَخَلَّوُا الْأَمْوَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي النَّخِيلَ وَالْمَزَارِعَ - فَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً، يضعها حيث شاء فَقَسَّمَهَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ دُونَ الْأَنْصَارِ، إِلَّا أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَأَبَا دُجَانَةَ ذَكَرَا فَقْرًا فَأَعْطَاهُمَا (٥) (وَأَضَافَ بَعْضُهُمْ إِلَيْهِمَا الْحَارِثَ بْنَ الصِّمَّةِ حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ) .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ إِلَّا رَجُلَانِ: وَهَمَا يامين بن عمير، أبو (٦) كَعْبٍ ابْنُ عَمِّ عَمْرِو بْنِ جَحَّاشٍ وَأَبُو سعد بن وهب فأحرزا أمو الهما.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ يَامِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ليامين: ألم تر ما لقيت مِنِ ابْنِ عَمِّكَ وَمَا همَّ بِهِ مِنْ شَأْنِي؟ فَجَعَلَ يَامِينُ لِرَجُلٍ جُعْلًا عَلَى أَنْ يَقْتُلَ عَمْرَو بْنَ جَحَّاشٍ فَقَتَلَهُ لَعَنَهُ اللَّهُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ سُورَةَ الْحَشْرِ بِكَمَالِهَا، يِذْكُرُ فِيهَا مَا أَصَابَهُمْ بِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَمَا سَلَّطَ عَلَيْهِمْ بِهِ رَسُولَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ فِيهِمْ.

ثُمَّ شَرَعَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُفَسِّرُهَا وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا بِطُولِهَا مَبْسُوطَةً فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ قَالَ اللَّهُ تعالى: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ (٨) مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانعتهم


(١) الحلقة: السلاح كله، أو خاص بالدروع.
(٢) في البيهقي: وسقاء قال والجلاء: إخراجهم من أراضيهم إلى أرض أخرى.
(٣) في رواية البيهقيّ ج ٣ / ٣٦٠: يعقوب بن محمد الزهري.
(٤) النجاف: العتبة التي بأعلى الباب.
والاسكفة: العتبة التي بأسفله.
(٥) زاد الواقدي: انه أعطى سعد بن معاذ سيف ابن أبي الحقيق.
(٦) في الاصول بن وهو تحريف، والتصويب عن شرح السيرة لابي ذر الخشني.
(٧) كانت أخت يامين: الرواع بنت عمير تحت عمرو بن جحاش ابن عم يامين الذي جعل لرجل من قيس عشرة دنانير على أن يقتل عمرو فاغتاله فقتله فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ (الواقدي ١ / ٣٧٤) .
(٨) قوله أول الحشر: عن عروة عن عائشة: كان جلاؤهم ذلك أول حشر في الدنيا إلى الشام.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>