للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له الممالك شرقا وغربا، وبعدا وقربا، وسمي هذا العام عام الجامعة لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد بعد الفرقة، فولى معاوية قضاء الشام لفضالة بن عبيد (١)، ثم بعده لأبي إدريس الخولاني. وكان على شرطته قيس بن حمزة، وكان كاتبه وصاحب أمره سرحون بن منصور الرومي، ويقال إنه أول من اتخذ الحرس وأول من حزم الكتب وختمها، وكان أول الاحداث في دولته .

[خروج طائفة من الخوارج عليه]

وكان سبب ذلك أن معاوية لما دخل الكوفة وخرج الحسن وأهله منها قاصدين إلى الحجاز، قالت فرقة من الخوارج - نحو من خمسمائة -: جاء مالا يشك فيه فسيروا إلى معاوية فجاهدوه، فساروا حتى قربوا من الكوفة وعليهم فروة بن نوفل، فبعث إليهم معاوية خيلا من أهل الشام فطردوا الشاميين، فقال معاوية: لا أمان لكم عندي حتى تكفوا بوائقكم، فخرجوا إلى الخوارج فقالت لهم الخوارج: ويلكم ما تبغون؟ أليس معاوية عدوكم وعدونا؟ فدعونا حتى نقاتله فإن أصبناه كنا قد كفيناكموه، وإن أصبنا كنتم قد كفيتمونا. فقالوا: لا والله حتى نقاتلكم، فقالت الخوارج: يرحم الله إخواننا من أهل النهروان كانوا أعلم بكم يا أهل الكوفة، فاقتتلوا فهزمهم أهل الكوفة وطردوهم، ثم إن معاوية أراد أن يستخلف على الكوفة عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له المغيرة بن شعبة: توليه الكوفة وأباه مصر وتبقى أنت بين لحيي (٢) الأسد؟ فثناه عن ذلك وولى عليها المغيرة بن شعبة، فاجتمع عمرو بن العاص بمعاوية فقال: أتجعل المغيرة على الخراج؟ هلا وليت الخراج رجلا آخر؟ فعزله عن الخراج وولاه على الصلاة، فقال المغيرة لعمرو في ذلك، فقال له: ألست المشير على أمير المؤمنين في عبد الله بن عمرو؟ قال: بلى! قال: فهذه بتلك. وفي هذه السنة وثب حمران بن أبان على البصرة فأخذها وتغلب عليها، فبعث معاوية جيشا ليقتلوه ومن معه (٣)، فجاء أبو بكرة الثقفي إلى معاوية فسأله في الصفح والعفو، فعفى عنهم وأطلقهم وولى على البصرة بسر بن أبي أرطاة، فتسلط على أولاد رياد يريد قتلهم، وذلك أن معاوية كتب إلى أبيهم ليحضر إليه فلبث، فكتب إليه بسر: لئن لم تسرع إلى أمير المؤمنين وإلا قتلت بنيك (٤)، فبعث أبو بكرة إلى معاوية في ذلك. وقد قال معاوية لأبي بكرة: هل من عهد تعهده إلينا؟ قال:


(١) قال في الاستيعاب ٣/ ١٩٧ هامش الإصابة: ولاه على قضاء دمشق يوم خروجه إلى صفين.
(٢) كذا بالأصل والطبري، وفي الكامل ٣/ ٤١٢: نابي الأسد.
(٣) في الطبري ٦/ ٩٦ والكامل ٣/ ٤١٤: بعث بسر بن أبي أرطأة، وفي فتوح ابن الأعثم ٤/ ١٦٨: عمرو بن أبي
أرطأة.
(٤) وقد أخذ بسر الأكابر منهم: عبد الرحمن وعبيد الله وعباد. وقال في مروج الذهب ٣/ ٧: أخذ ولديه عبيد الله
وسالما.

<<  <  ج: ص:  >  >>