للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني فقال: شد يديك به فإن أمه (١) ذات متاع لعلها تفديه منك، قال أبو عزيز فكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبزة إلا نفحني بها فأستحي فأردها فيردها علي ما يمسها. قال ابن هشام: وكان أبو عزيز هذا صاحب لواء المشركين ببدر بعد النضر بن الحارث، ولما قال أخوه مصعب لأبي اليسر (٢) - وهو الذي أسره - ما قال: قال له أبو عزيز: يا أخي هذه وصاتك بي؟ فقال له مصعب إنه أخي دونك فسألت أمه عن أغلى ما فدى به قرشي فقيل لها أربعة آلاف درهم، فبعثت بأربعة آلاف درهم ففدته بها. قلت: وأبو عزيز هذا اسمه زرارة فيما قاله ابن الأثير في غابة الصحابة، وعده خليفة بن خياط في أسماء الصحابة. وكان أخا مصعب بن عمير لأبيه، وكان لهما أخ آخر لأبويهما وهو أبو الروم بن عمير وقد غلط من جعله قتل يوم أحد كافرا ذاك أبو عزة كما سيأتي في موضعه والله أعلم. قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر أن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد (٣) بن زرارة. قال: قدم بالأسارى حين قدم بهم وسودة بنت زمعة زوج النبي عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء، قال: وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، قال: تقول سودة: والله إني لعندهم إذا أتينا فقيل: هؤلاء الأسارى، قد أتي بهم، قالت: فرجعت إلى بيتي ورسول الله فيه وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قالت: فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم، ألا متم كراما؟ فوالله ما أنبهني إلا قول رسول الله من البيت " يا سودة أعلى الله وعلى رسوله تحرضين " قالت (٤): قلت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق، ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت. ثم كان من قصة الأسارى بالمدينة ما سيأتي بيانه وتفصيله فيما بعد من كيفية فدائهم وكميته إن شاء الله.

ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر

قال الحافظ البيهقي (٥): أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ببغداد، حدثنا


(١) أمه: الخناس بنت مالك العامرية، وأخته هند بنت عمير، أم شيبة بن عثمان حاجب الكعبة، جد بني شيبة (الروض الآنف).
(٢) في الواقدي: أسره أبو اليسر، ثم اقترع عليه فصار لمحرز بن نضلة، - وما قاله مصعب في شأن أخيه أبي عزيز كان لمحرز وليس لأبي اليسر -.
(٣) من ابن هشام، وفي الأصل سعد وهو تحريف.
(٤) من ابن هشام، وفي الأصل: قال وهو تحريف.
(٥) أخرجه الحافظ البيهقي في الدلائل - باب قدوم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة على أهل المدينة .. وما فعل النجاشي حين بلغه الفتح ج ٣/ ١٣٣ ونقله الصالحي في السيرة الشامية ٤/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>