للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفوس الناس منهما، وفيها عزم صمصامة الدَّوْلَةِ عَلَى أَنْ يَضَعَ مَكْسًا عَلَى الثِّيَابِ الابريسمات فاجتمع الناس بجامع المنصور وأرادوا تعطيل الْجُمُعَةِ وَكَادَتِ الْفِتْنَةُ تَقَعُ بَيْنَهُمْ فَأُعْفُوا مِنْ ذَلِكَ.

وَفِي ذِي الْحِجَّةِ وَرَدَ الْخَبَرُ بِمَوْتِ مؤيد الدولة فجلس صمصامة للعزاء، وجاء إليه الخليفة معزياً له فقام إليه صمصامة وقبل الأرض بين يديه وتخاطبا في الغزاء بألفاظ حسنة.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ: أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هريرة واسمه الحسن بن الحسين، وهو أَحَدُ مَشَايِخِ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَهُ اخْتِيَارَاتٌ كَثِيرَةٌ غَرِيبَةٌ في المذهب وقد ترجمناه في طبقات الشافعية.

الحسين بن علي

ابن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَبُو أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ الْمَعْرُوفُ بحسنك (١) ، كَانَتْ تَرْبِيَتُهُ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَتِلْمِيذًا لَهُ، وكان يقدمه على أولاده ويقر له ما لا يقر لِغَيْرِهِ، وَإِذَا تَخَلَّفَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ مَجَالِسِ السلطان بعث حسنك مَكَانَهُ.

وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ خُزَيْمَةَ كَانَ عُمُرُ حسنك ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ عَمَّرَ بَعْدَهُ دَهْرًا طَوِيلًا، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ عِبَادَةً وَقِرَاءَةً للقرآن، لا يترك قيام الليل حضرا ولاسفرا، كثير الصدقات وَالصِّلَاتِ، وَكَانَ يَحْكِي وُضُوءَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَصَلَاتَهُ، ولم يكن فِي الْأَغْنِيَاءِ أَحْسَنُ صَلَاةً مِنْهُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ.

أَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ (٢) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافعية فِي زَمَانِهِ، نَزَلَ نَيْسَابُورَ ثُمَّ سَكَنَ بَغْدَادَ إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْهُ.

وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْهُ أنَّه كَانَ يُسأل عَنِ الْفَتْوَى فَيُجِيبُ بَعْدَ تَفَكُّرٍ طَوِيلٍ، فَرُبَّمَا كَانَتْ فَتْوَاهُ مُخَالِفَةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَيُقَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ: وَيَلَكُمُ رَوَى فَلَانٌ عَنْ فُلَانٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا، فَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى من الأخذ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمُخَالَفَتُهُمَا أَسْهَلُ مِنْ مخالفة الحديث.

قال ابْنُ خَلِّكَانَ: وَلَهُ فِي الْمَذْهَبِ وُجُوهٌ جَيِّدَةٌ دَالَّةٌ عَلَى مَتَانَةِ عِلْمِهِ، وَكَانَ يُتهم بِالِاعْتِزَالِ، وكان قد أخذ العلم عَنِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَالْحَدِيثَ عَنْ جده لأمه الحسن بن


(١) في تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٨: حسينك، ويعرف أيضا بابن منينة.
وحسينك أشهر.
(٢) الداركي: قال السمعاني في الأنساب ٥ / ٢٧٦ هذه النسبة إلى دارك، وأظنها أنها من قرى أصبهان وذكره باسم عبد العزيز بن الحسن بن أحمد الداركي (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>