للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مملوك من مماليك السلطان فضربه بالسيف ضربات فجرحه في أماكن في جسده (١)، منها ما هو في وجهه ومنها ما هو في يده، فحمل إلى منزله صريعا طريحا جريحا، وغضب لذلك طوائف من الأمراء حتى قيل إنهم ركبوا ودعوا إلى المبارزة فلم يجئ إليهم وعظم الخطب بذلك جدا واتهموا به الأمير سيف الدين صرغتمش وغيره، وأن هذا إنما فعل عن ممالاة منهم فالله أعلم (٢).

[وفاة أرغون الكاملي باني البيمارستان بحلب]

كانت وفاته بالقدس الشريف في يوم الخميس السادس والعشرين من شوال من هذه السنة، ودفن بتربة أنشأها غربي المسجد بشماله، وقد ناب بدمشق مدة بعد حلب، ثم جرت الكائنة التي أصلها بيبغا قبحه الله في أيامه، ثم صار إلى نيابة حلب ثم سجن بالإسكندرية مدة، ثم أفرج عنه فأقام بالقدس الشريف إلى أن كانت وفاته كما ذكرنا في التاريخ المذكور عزره الشريف ابن رزيك. والله أعلم.

[وفاة الأمير شيخون]

ورد الخبر من الديار المصرية بوفاة الأمير شيخون ليلة الجمعة السادس والعشرون من ذي القعدة ودفن من الغد بتربته، وقد ابتنى مدرسة هائلة وجعل فيها المذاهب الأربعة ودار للحديث وخانقاه (٣) للصوفية، ووقف عليها شيئا كثيرا، وقرر فيها معاليم وقراءة دارة، وترك أموالا جزيلة وحواصل كثيرة ودواوين في سائر البلاد المصرية والشامية وخلف بنات وزوجة، وورث البقية أولاد السلطان المذكور بالولاء، ومسك بعد وفاته أمراء كثيرون بمصر كانوا من حزبه، من


(١) وكان ذلك يوم الخميس ثامن شعبان سنة ٧٥٨ هـ (السلوك ٣/ ٣٤ وفي بدائع الزهور ١/ ٥٦٢: يوم الاثنين حادي وعشرين شعبان) وكان المملوك الذي ضربه من المماليك السلطانية واسمه قطلوجاه السلحدار، وقيل: " قطلوخجا ". (بدائع الزهور ١/ ٥٦٢ النجوم الزاهرة ١٠/ ٣٠٥ الجوهر الثمين لابن دقماق ٢/ ٢٠٩).
(٢) نزل السلطان إلى شيخو في اليوم الثاني لمحاولة قتله وحلف له ان ما جرى لم يكن له به علم، وتم استدعاء قطلوجاه فأكد أنه قام بفعله بدافع شخصي. وقد أشار المقريزي في السلوك ٣/ ٣٤ إلى السبب قال: " … قدمت له قصة لينقلني من الجامكية إلى الاقطاع فلم يفعل، فبقي في نفسي منه شئ. " وفي النجوم الزاهرة ١٠/ ٣٠٥ قال: " … طلبت منه خبزا فمنعني منه وأعطاه لغيري " وانظر بدائع الزهور ١/ ٥٦٢.
(٣) الخانقاه: كلمة فارسية تعني البيت وأصلها " خونقاه " أي الموضع الذي يأكل فيه الملك، ثم أصبحت تعني في الاسلام - بيت الصوفية - انظر خطط المقريزي ٢/ ٤١٤.
وبنى شيخو الخانقاه في خط الصليبة خارج القاهرة وجعل شيخها الشيخ أكمل الدين محمد البابرتي الحنفي المتوفى سنة ٧٨٦ هـ. وأنشأها على أرض مساحتها تزيد على الفدان حيث اختط الخانقاه وحمامين وعدة حوانيت تعلوها بيوت لسكني العامة ورتب دروسا أربعة لطوائف الفقهاء ودرسا للحديث النبوي ودرسا لاقراء القرآن بالروايات السبع (انظر بدائع الزهور ١/ ٥٥٧ - ٥٥٨ السلوك ٣/ ١٧ خطط المقريزي ٢/ ٣٢١ النجوم الزاهرة ١٠/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>