للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيت النبي ، لكثرة دخولهم بيت النبي . وقال حذيفة ما رأيت أحدا أشبه برسول الله في هديه ودله وسمته من ابن مسعود، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله زلفى، وفي الحديث " وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " وفي الحديث الآخر الذي رواه أحمد: عن محمد بن فضيل، عن مغيرة، عن أم حرسي عن علي أن ابن مسعود صعد شجرة يجتني الكبات فجعل الناس يعجبون من قدة ساقيه، فقال رسول الله " والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد " وقال عمر بن الخطاب وقد نظر إلى قصره وكان يوازي بقامته الجلوس - فجعل يتبعه بصره ثم قال هو كنيف ملئ علما. وقد شهد ابن مسعود بعد النبي مواقف كثيرة، منها اليرموك وغيرها، وكان قدم من العراق حاجا فمر بالربذة فشهد وفاة أبي ذر ودفنه، ثم قدم إلى المدينة فمرض بها فجاءه عثمان بن عفان عائدا، فيروى أنه قال له: ما تشتكي؟ قال ذنوبي، قال فما تشتهي؟ رحمة ربي، قال ألا آمر لك بطبيب؟ فقال: الطبيب أمرضني، قال ألا آمر لك بعطائك؟ - وكان قد تركه سنتين - فقال: لا حاجة لي فيه. فقال: يكون لبناتك من بعدك، فقال أتخشى على بناتي الفقر؟ إني أمرت بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، وإني سمعت رسول الله يقول " من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا " وأوصى عبد الله بن مسعود إلى الزبير بن العوام، فيقال إنه هو الذي صلى عليه ليلا، ثم عاتب عثمان الزبير على ذلك، وقيل بل صلى عليه عثمان، وقيل عمار، فالله أعلم. ودفن بالبقيع عن بضع وستين سنة.

[عبد الرحمن بن عوف]

ابن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة، أبو محمد القرشي الزهري، أسلم قديما على يدي أبي بكر، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، وآخى رسول الله بينه وبين سعد بن الربيع، وشهد بدرا وما بعدها، وأمره رسول الله حين بعثه إلى بني كلب وأرخى له عذبة بين كتفيه، لتكون أمارة عليه للامارة، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الثمانية السابقين إلى الاسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى، ثم أحد الثلاثة الذين انتهت إليهم منهم، كما ذكرنا. ثم كان هو الذي اجتهد في تقديم عثمان ، وقد تقاول هو وخالد ابن الوليد في بعض الغزوات فأغلظ له خالد في المقال، فلما بلغ ذلك رسول الله قال " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه (١) " وهو في الصحيح. وقال معمر عن الزهري: تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد النبي بشطر ماله


(١) وأخرجه ابن ماجة في المقدمة ح (١٦١) ١/ ٥٧. وفي زوائده: اسناده صحيح والمد: مكيال معروف ومعلوم، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>