للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الذي قال للشيخ تقي الدين بن تيمية بالقصر: نحن ما ينفق حالنا إلا عند التتر، وأما عند الشرع فلا.

[ثم دخلت سنة ثمان وسبعمائة]

استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها، والشيخ تقي الدين قد أخرج من الحبس، والناس قد عكفوا عليه زيارة وتعلما واستفتاء وغير ذلك، وفي مستهل ربيع الأول أفرج عن الأمير نجم الدين خضر بن الملك الظاهر، فأخرج من البرج وسكن دار الأفرم بالقاهرة، ثم كانت وفاته في خامس رجب من هذه السنة. وفي أواخر جمادى الأولى تولى نظر ديوان ملك الأمراء زين الدين الشريف ابن عدنان عوضا عن ابن الزملكاني، ثم أضيف إليه نظر الجامع أيضا عوضا عن ابن الخطيري، وتولى نجم الدين بن الدمشقي نظر الأيتام عوضا عن نجم الدين بن هلال. وفي رمضان عزل الصاحب أمين الدين الرفاقي عن نظر الدواوين بدمشق وسافر إلى مصر. وفيها عزل كمال الدين بن الشريشي نفسه عن وكالة بيت المال وصمم على الاستمرار على العزل وعرض عليه العود فلم يقبل، وحملت إليه الخلعة لما خلع على المباشرين فلم يلبسها، واستمر معزولا إلى يوم عاشوراء من السنة الآتية، فجدد تقليده وخلع عليه في الدولة الجديدة.

وفيها خرج الملك الناصر محمد بن قلاوون من الديار المصرية قاصدا الحج، وذلك في السادس والعشرين (١) من رمضان، وخرج معه جماعة من الأمراء لتوديعه فردهم، ولما اجتاز بالكرك عدل إليها فنصب له الجسر، فلما توسطه كسر به (٢) فسلم من كان أمامه وقفز به الفرس فسلم، وسقط من كان وراءه وكانوا خمسين فمات منهم أربعة (٣) وتهشم أكثرهم في الوادي الذي تحت الجسر، وبقي نائب الكرك الأمير جمال الدين آقوش خجلا يتوهم أن يكون هذا يظنه السلطان عن قصد، وكان قد عمل للسلطان ضيافة غرم عليها أربعة عشر ألفا فلم يقع الموقع لاشتغال السلطان بهم وما جرى له ولأصحابه ثم خلع على النائب وأذن له في الانصراف إلى مصر فسافر، واشتغل السلطان بتدبير المملكة في الكرك وحدها، وكان يحضر دار العدل ويباشر الأمور بنفسه، وقدمت عليه زوجته من مصر، فذكرت له ما كانوا فيه من ضيق الحال وقلة النفقات.


(١) في السلوك ٢/ ٤٣: في الخامس والعشرين، وفي تذكرة النبيه ١/ ٢٨٦: في شوال. وفي بدائع الزهور ١/ ٤٢١ في خامس عشرينه وفي مختصر أبي الفداء ٤/ ٥٤: يوم السبت الخامس والعشرين من رمضان.
(٢) يعلل المقريزي وابن تغردى بردى ذلك قالا: ومد الجسر، وكان له مدة سنين لم يمد، وقد ساس خشبه لطول مكثه، فلما عبرت عليه الدواب وأتى السلطان في آخره انكسر (السلوك ٢/ ٤٤ النجوم الزاهرة ٨/ ١٧٦).
(٣) في مختصر أخبار البشر ٤/ ٥٥ والنجوم الزاهرة ٨/ ١٧٧: " لم يهلك من المماليك غير شخص واحد لم يكن من الخواص " وانظر بدائع الزهور ١/ ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>