للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوكارها، وتركت الطيران لِشِدَّةِ الظُّلْمَةِ.

وَفِيهَا وَلِيَ أَبُو تَمِيمِ (١) بْنُ معز الدولة بلاد إفريقية.

وفيها ولي ابن نَصْرِ الدَّوْلَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْكُرْدِيُّ دِيَارَ بكر.

وفيها ولي (٢) قريش بن بدران بلاد الموصل ونصيبين.

وَفِيهَا خُلِعَ عَلَى طَرَّادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيِّ الملقب بالكامل نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ، وَلُقِّبَ الْمُرْتَضَى.

وَفِيهَا ضَمِنَ أَبُو إسحاق بن علاء اليهودي، ضياع الخليفة من صرصر إلى أواثى، كل سنة ستة وثمانين ألف دينار، وسبع عشرة أَلْفَ كُرٍّ مِنْ غَلَّةٍ.

وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ من أهل العراق هذه السنة.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ ... أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ أَبُو نَصْرٍ الْكُرْدِيُّ، صَاحِبُ بِلَادِ بَكْرٍ وميا فارقين، لقبه القادر نصر الدولة، وملك هَذِهِ الْبِلَادَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَتَنَعَّمَ تَنَعُّمًا لَمْ يَقَعْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَلَا أدركه فيه أحد من أقرانه، وَكَانَ عِنْدَهُ خَمْسُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ سِوَى مَنْ يَخْدِمُهُنَّ، وعنده خمسمائة خادم، وكان عنده من المغنيات شئ كَثِيرٌ كُلُّ وَاحِدَةٍ مُشْتَرَاهَا خَمْسَةُ آلَافِ دِينَارٍ، وأكثر، وكان يحضر في مجلسه من آلات اللهو وَالْأَوَانِي مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَتَزَوَّجَ بِعِدَّةٍ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمُهَادَنَةِ للملوك، إذا قصدوه عدو أرسل إليه بمقدار ما يصالحه به، فَيَرْجِعُ عَنْهُ.

وَقَدْ أَرْسَلَ إلَّي الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ بهدية عظمية حين ملك العراق، من ذلك حبل من ياقوت كان لبني بويه اشتراه منهم بشئ كثير، ومائة ألف دينار، وغير ذلك، وقد وزر لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَغْرِبِيُّ مَرَّتَيْنِ، وَوَزَرَ لَهُ أَيْضًا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جهير، وكانت بلاده آمَنِ الْبِلَادِ، وَأَطْيَبِهَا وَأَكْثَرِهَا عَدْلًا، وَقَدْ بَلَغَهُ أن الطيور تجوع فتجمع في الشتاء من الحبوب التي في الْقُرَى فَيَصْطَادُهَا النَّاسُ، فَأَمَرَ بِفَتْحِ الْأَهْرَاءِ وَإِلْقَاءِ مَا يَكْفِيهَا مِنَ الْغَلَّاتِ فِي مُدَّةِ الشِّتَاءِ، فكانت تكون في ضيافته طول الشتاء مدة عمره، توفي في هذه السنة وقد قارب الثمانين (٣) .

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: قَالَ ابْنُ الْأَزْرَقِ فِي تَارِيخِهِ: إِنَّهُ لَمْ يُصَادِرْ أَحَدًا مِنْ رَعِيَّتِهِ سِوَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ تَفُتْهُ صَلَاةٌ مَعَ كثرة مباشرته للّذات، وكان لَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ حَظِيَّةً، يَبِيتُ عِنْدَ كُلِّ واحدة ليلة في السَّنَةِ، وَخَلَّفَ أَوْلَادًا كَثِيرَةً، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذلك إِلَى أَنْ تُوَفِّيَ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شوال منها.


(١) كذا بالاصل، والصواب أن المعز بن باديس أبو تميم قد توفي في هذه السنة وتولى ابنه تميم بن المعز الملك في إفريقيا.
(الكامل ١٠ / ١٥ مختصر أخبار البشر ٢ / ١٨٠) .
(٢) كذا بالاصل، والصحيح أن قريش قد توفي هذه السنة في نصيبين ودفن فيها وأجمع بنو عقيل فأمروا ابنه أبا المكارم مسلم بن قريش عليهم (الكامل ١٠ / ١٧ - تاريخ أبي الفداء ٢ / ١٨٠) .
(٣) في الكامل ١٠ / ١٧ وتاريخ أبي الفداء ٢ / ١٨١: وكان عمره نيفاً وثمانين سنة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>