ثم قال: هاتوا ما عندكم، فجمع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها، قالت: أتيت أسحر الناس أو هو نبي كما زعموا، فهدى الله ذاك الصرم بتلك المرأة فأسلمت وأسلموا (١). وكذلك رواه مسلم من حديث سلم بن رزين، وأخرجاه من حديث عوف الأعرابي، كلاهما عن رجاء العطاردي - واسمه عمران بن تيم - عن عمران بن حصين به … وفي رواية لهما فقال لها: اذهبي بهذا معك لعيالك واعلمي أنا لم نرزأك من مائك شيئا غير أن الله سقانا … وفيه أنه لما فتح العزلاوين سمى الله ﷿.
[حديث عن أبي قتادة في ذلك]
قال الإمام أحمد: ثنا يزيد بن هارون، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر فقال: إنكم إن لا تدركوا الماء غدا تعطشوا، وانطلق سرعان الناس يريدون الماء، ولزمت رسول الله ﷺ فمالت برسول الله ﷺ راحلته فنعس رسول الله ﷺ فدعمته فادعم ثم مال، فدعمته فادعم، ثم مال حتى كاد أن ينجفل عن راحلته فدعمته فانتبه فقال: من الرجل؟ فقلت: أبو قتادة، قال: منذ كم كان مسيرك؟ قلت: منذ الليلة، قال: حفظك الله كما حفظت رسوله، ثم قال: لو عرسنا، فمال إلى شجرة فنزل فقال: انظر هل ترى أحدا؟ قلت: هذا راكب، هذان راكبان، حتى بلغ سبعة، فقال: احفظوا علينا صلاتنا، فنمنا فما أيقظنا إلا حر الشمس فانتبهنا فركب رسول الله ﷺ فسار وسرنا هنيهة، ثم نزل فقال: أمعكم ماء؟ قال: قلت: نعم معي ميضأة فيها شئ من ماء، قال: ائت بها، قال: فأتيته بها فقال: مسوا منها مسوا منها، فتوضأ القوم وبقيت جرعة فقال: ازدهر بها يا أبا قتادة فإنه سيكون لها نبأ، ثم أذن بلال وصلوا الركعتين قبل الفجر ثم صلوا الفجر، ثم ركب وركبنا فقال بعضهم لبعض: فرطنا في صلاتنا، فقال رسول الله ﷺ: ما تقولون؟ إن لك أمر دنياكم فشأنكم، وإن كان أمر دينكم فإلي، قلنا: يا رسول الله فرطنا في صلاتنا، فقال لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، فإذا كان ذلك فصلوها ومن الغد وقتها، ثم قال: ظنوا بالقوم، قالوا: إنك قلت بالأمس: إن لا تدركوا الماء غدا تعطشوا، فالناس بالماء، قال: فلما أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم، فقال بعضهم لبعض: إن رسول الله ﷺ بالماء وفي القوم أبو بكر وعمر، فقالا: أيها الناس إن رسول الله ﷺ لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم، وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا، قالها ثلاثا، فلما اشتدت الظهيرة رفع لهم رسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله هلكنا عطشا، تقطعت الأعناق، فقال: لا هلك عليكم، ثم قال: يا أبا قتادة أئت بالميضأة، فأتيته بها، فقال: أحلل لي غمري - يعني قدحه - فحللته فأتيته به، فجعل يصب فيه ويسقى الناس فازدحم الناس عليه فقال رسول الله ﷺ يا أيها الناس أحسنوا الملا، فكلكم
(١) أخرجه البخاري في علامات النبوة ح ٣٥٧١ ومسلم في المساجد ١/ ٤٧٤.