للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتقى الناس فانهزم حسان بن معه، فضعف جانب القرمطي وقوي عليه الفاطمي فكسره، وانهزمت القرامطة ورجعوا إلى أذرعات في أذل حال وأرذله، وبعث المعز في آثارهم القائد أبا محمود بن إبراهيم في عشرة آلاف فارس، ليحسم مادة القرامطة ويطفئ نارهم عنه.

[المعز الفاطمي ينتزع دمشق من القرامطة]

لما انهزم القرمطي بعث المعز سرية وأمر عليهم ظالم بن موهوب العقيلي، فجاؤوا إلى دمشق فتسلمها من القرامطة بعد حصار شديد واعتقل متوليها أبا الهيجاء (١) القرمطي وابنه، واعتقل رجلا يقال له أبو بكر من أهل نابلس، كان يتكلم في الفاطميين ويقول: لو كان معي عشرة أسهم لرميت الروم بواحد ورميت الفاطميين بتسعة. فأمر به فسلخ بين يدي المعز وحشي جلده تبنا وصلب بعد ذلك. ولما تفرغ أبو محمود القائد من قتال القرامطة أقبل نحو دمشق فخرج إليه ظالم بن موهوب فتلقاه إلى ظاهر البلد وأكرمه وأنزله ظاهر دمشق، فأفسد أصحابه في الغوطة ونهبوا الفلاحين وقطعوا الطرقات، فتحول أهل الغوطة إلى البلد من كثرة النهب، وجئ بجماعة من القتلى فألقوا فكثر الضجيج، وغلقت الأسواق، واجتمعت العامة للقتال، والتقوا مع المغاربة فقتل من الفريقين جماعة وانهزمت العامة غير مرة، وأحرقت المغاربة ناحية باب الفراديس، فاحترق شئ كثير من الأموال والدور، وطال القتال بينهم إلى سنة أربع وستين وأحرقت البلد مرة أخرى بعد عزل ظالم بن موهوب وتولية جيش بن صمصامة ابن أخت أبي محمود قبحه الله، وقطعت القنوات وسائر المياه عن البلد، ومات كثير من الفقراء في الطرقات من الجوع والعطش، ولم يزل الحال كذلك حتى ولي عليهم الطواشي ريان الخادم من جهة المعز الفاطمي، فسكنت النفوس ولله الحمد

فصل

ولما قويت الأتراك ببغداد تحير بختيار بن معز الدولة في أمره وهو مقيم بالأهواز لا يستطيع الدخول إلى بغداد، فأرسل إلى عمه ركن الدولة يستنجده فأرسل إليه بعسكر مع وزيره أبي الفتح بن العميد، وأرسل إلى ابن عمه عضد الدولة بن ركن الدولة فأبطأ عليه وأرسل إلى عمران بن شاهين فلم يجبه، وأرسل إلى أبي تغلب بن حمدان فأظهر نصره وإنما يريد في الباطن أخذ بغداد، وخرجت الأتراك من بغداد في جحفل عظيم ومعهم الخليفة المطيع وأبوه، فلما انتهوا إلى واسط توفي المطيع وبعد أيام توفي سبكتكين، فحملا إلى بغداد والتف الأتراك على أمير يقال له افتكين، فاجتمع شملهم والتقوا مع بختيار فضعف أمره جدا وقوي عليه ابن عمه عضد الدولة فأخذ منه ملك العراق وتمزق شمله، وتفرق أمره. وفيها خطب للمعز الفاطمي بالحرمين مكة والمدينة النبوية. وفيها خرج


(١) في الكامل ٨/ ٦٤٠: أبا المنجا، وفي تاريخ أخبار القرامطة ص ٦١: ابن أبي المنجى.

<<  <  ج: ص:  >  >>