للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ، فَحَسُنَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ جِدًّا، وَظَفِرَ أبو العباس بن الموفق بجماعة من الأعراب كَانُوا يَجْلِبُونَ الطَّعَامَ إِلَى الزَّنْجِ فَقَتَلَهُمْ، وَظَفِرَ ببهبوذ بن عبد الله بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ الْفَتْحِ

عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْظَمِ الرَّزَايَا عِنْدَ الزنج.

وَبَعْثَ عَمْرُو بْنُ اللَّيْثِ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ الموفق ثلثمائة أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسِينَ مَنًّا مِنْ مِسْكٍ، وَخَمْسِينَ مَنًّا مِنْ عَنْبَرٍ، وَمِائَتَيْ مَنٍّ مِنْ عُودٍ، وفضة بقيمة أَلْفٍ وَثِيَابًا مِنْ وَشْيٍ وَغِلْمَانًا كَثِيرَةً جِدًّا.

وَفِيهَا خَرَجَ مَلِكُ الرُّومِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّقْلَبِيَّةِ فَحَاصَرَ أَهْلَ مَلَطْيَةَ فَأَعَانَهُمْ أَهْلُ مَرْعَشَ فَفَرَّ الْخَبِيثُ خَاسِئًا.

وَغَزَا الصَّائِفَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الثُّغُورِ عَامِلُ ابْنِ طُولُونَ فَقَتَلَ مِنَ الرُّومِ سَبْعَةَ (١) عشر ألفاً.

وحج بالناس فيها هارون الْمُتَقَدِّمُ: وَفِيهَا قُتِلَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الخجستاني.

وفيها توفي من الأعيان أحمد بن سيار (٢) .

وَأَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ (٣) .

وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الضَّبِّيُّ (٤) .

وَعِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ (٥) وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ.

وقد صحب الشافعي وروى عنه.

ثم دخلت سنة تسع وستين ومائتين فيها اجتهد الموفق بالله في تخريب مَدِينَةِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فَخَرَّبَ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَتَمَكَّنَ الْجُيُوشُ مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْبَلَدِ، وَلَكِنْ جَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْحَالَةِ سَهْمٌ فِي صَدْرِهِ مِنْ يَدِ رَجُلٍ رُومِيٍّ يُقَالُ لَهُ قِرْطَاسٌ فَكَادَ يَقْتُلُهُ، فَاضْطَرَبَ الْحَالُ لِذَلِكَ وَهُوَ يتجلد ويحض على القتال مع ذلك، ثم أقام ببلده الموفقية أياماً يتداوى فاضطرب الأحوال وخاف النَّاس مِنْ صَاحِبِ الزَّنْجِ، وَأَشَارُوا عَلَى الْمُوَفَّقِ بِالْمَسِيرِ إلى بغداد فلم يقبل فقويت عِلَّتُهُ ثُمَّ منَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَافِيَةِ فِي شَعْبَانَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، فَنَهَضَ مُسْرِعًا إِلَى الْحِصَارِ فَوَجَدَ الْخَبِيثَ قَدْ رَمَّمَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ الْمُوَفَّقُ قَدْ خَرَّبَهُ وَهَدَمَهُ فَأَمَرَ بِتَخْرِيبِهِ وَمَا حَوْلَهُ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ، ثم لازم الحصار فما زال حَتَّى فَتَحَ الْمَدِينَةَ الْغَرْبِيَّةَ وَخَرَّبَ قُصُورَ صَاحِبِ الزنج ودور أمرائه، وأخذ من أموالهم شيئاً كثيراً مما لا يحد ولا يوصف كثرة، وأسر مِنْ نِسَاءِ الزَّنْجِ وَاسْتَنْقَذَ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وصبيانهم خلقاً كثيراً، فأمر بردهم إلى أهاليهم مُكَرَّمِينَ وَقَدْ تَحَوَّلَ صَاحِبُ الزَّنْجِ إِلَى الْجَانِبِ الشرقي وعمل الجسر والقناطر الحائلة بينه وبين وصل السمريات إِلَيْهِ، فَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ بِتَخْرِيبِهَا وَقَطْعِ الْجُسُورِ، وَاسْتَمَرَّ الحصار باقي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَا بَرِحَ حَتَّى تَسَلَّمَ الْجَانِبَ الشَّرْقِيَّ أَيْضًا وَاسْتَحْوَذَ عَلَى حَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ، وَفَرَّ الخبيث هارباً غير آيب، وخرج منها هَارِبًا وَتَرَكَ حَلَائِلَهُ وَأَوْلَادَهُ وَحَوَاصِلَهُ، فَأَخَذَهَا الْمُوَفَّقُ وشرح ذلك يَطُولُ جِدًّا.

وَقَدْ حَرَّرَهُ مَبْسُوطًا ابْنُ جَرِيرٍ ولخصه ابن الأثير واختصره ابن


(١) في الطبري ١١ / ٢٩٥ وابن الاثير ٧ / ٣٧٣: بضعة.
(٢) محدث مرو، ومصنف تاريخ مرو.
وكان يشبه ابن المبارك علما وزهدا (٣) الرملي، وثقه الحاكم، وقال ابن حبان: يخطئ.
(٤) كان ثقة محتشما مات بأصبهان.
(٥) نزل عسقلان محلة ببلخ وهو بغدادي الاصل (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>