للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها ركب عضد الدولة في جنود كثيفة إلى بلاد أخيه فخر الدولة، وذلك لما بلغه من ممالاته لعز الدولة واتفاقهم عليه، فتسلم بلاد أخيه فخر الدولة وهمدان والري وما بينهما من البلاد، وسلم ذلك إلى مؤيد الدولة - وهو أخوه الاخر - ليكون نائبه عليها، ثم سار إلى بلاد حسنويه الكردي فتسلمها وأخذ حواصله وذخائره، وكانت كثيرة جدا، وحبس بعض أولاده وأسر بعضهم، وأرسل إلى الأكراد الهكارية فأخذ منهم بعض بلادهم، وعظم شأنه وارتفع صيته، إلا أنه أصابه في هذا السفر داء الصداع، وكان قد تقدم له بالموصل مثله، وكان يكتمه إلى أن غلب عليه كثرة النسيان فلا يذكر الشئ إلا بعد جهد جهيد، والدنيا لا تسر بقدر ما تضر:

دار إذا ما أضحكت في يومها … أبكت غدا، بعدا لها من دار

وفيها توفي من الأعيان …

أحمد بن زكريا أبو الحسن (١) اللغوي

صاحب كتاب المجمل في اللغة وغيره، ومن شعره قبل موته بيومين:

يا رب إن ذنوبي قد أحطت بها … علما وبي وبإعلاني وأسراري

أنا الموحد لكني المقر بها … فهب ذنوبي لتوحيدي وإقراري

ذكر ذلك ابن الأثير (٢)

[أحمد بن عطاء بن أحمد]

أبو عبد الله الروذباري - ابن أخت أبي علي الروذباري - أسند الحديث، وكان يتكلم على مذهب الصوفية، وكان قد انتقل من بغداد فأقام بصور وتوفي بها في هذه السنة. قال: رأيت في المنام كأن قائلا يقول: أي شئ أصح في الصلاة؟ فقلت صحة القصد، فسمعت قائلا يقول: رؤية المقصود بإسقاط رؤية القصد أتم. وقال: مجالسة الأضداد ذوبان الروح، ومجالسة الاشكال تلقيح العقول، وليس كل من يصلح للمجالسة يصلح للمؤانسة، ولا كل من يصلح للمؤانسة يؤمن على الاسرار، ولا يؤمن على الاسرار إلا الامناء فقط. وقال: الخشوع في الصلاة علامة الفلاح. قال


(١) في الكامل ٨/ ٧١١ ووفيات الأعيان ١/ ١١٨: أبو الحسين، وهو أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب، وقد وهم ابن الجوزي وابن الأثير في اسم أبيه فجعلاه - كالأصل - زكريا.
(٢) اختلفوا اختلافا في تحديد سنة وفاته وقد بلغ الاختلاف في بعضها حتى زاد الفرق بين السنوات على الثلاثين. في المنتظم ٧/ ١٠٣: سنة ٣٨٩ وفي وفيات الأعيان ١/ ١١٩: ٣٩٠ هـ.
وفي مختصر أخبار البشر ٢/ ١٣٥: ٣٩٥ هـ. وقد وهم ابن الأثير في ذكر وفاته سنة ٣٦٩ ولعله يقصد وفاة والده فارس الذي توفي هذا العام كما في النجوم الزاهرة ٤/ ١٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>