للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانُوا يَفْجُرُونَ بِالنِّسَاءِ ثُمَّ يَقْتُلُونَهُنَّ وَيَشُقُّونَ بُطُونَهُنَّ عَنِ الْأَجِنَّةِ ثُمَّ عَادُوا إِلَى بِلَادِ الْكُرْجِ وَقَدِ اسْتَعَدَّتْ لَهُمُ الْكُرْجُ فَاقْتَتَلُوا مَعَهُمْ فَكَسَرُوهُمْ أَيْضًا كَسْرَةً فَظِيعَةً، ثُمَّ فَتَحُوا بُلْدَانًا كَثِيرَةً يَقْتُلُونَ أَهْلَهَا وَيَسْبُونَ نِسَاءَهَا وَيَأْسِرُونَ مِنَ الرِّجَالِ مَا يُقَاتِلُونَ بِهِمُ الْحُصُونَ، يَجْعَلُونَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ تُرْسًا يَتَّقُونَ بِهِمُ الرَّمْيَ وَغَيْرَهُ، وَمَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، ثُمَّ سَارُوا إلى بلاد اللان

والقبجاق فَاقْتَتَلُوا مَعَهُمْ قِتَالًا عَظِيمًا فَكَسَرُوهُمْ وَقَصَدُوا أَكْبَرَ مدائن القبجاق وَهِيَ مَدِينَةُ سُودَاقَ وَفِيهَا مِنَ الْأَمْتِعَةِ وَالثِّيَابِ والتجائر من البرطاسي والقندر والسنجاب شئ كثير جداً، ولجأت القبجاق إِلَى بِلَادِ الرُّوسِ وَكَانُوا نَصَارَى فَاتَّفَقُوا مَعَهُمْ عَلَى قِتَالِ التَّتَارِ فَالْتَقَوْا مَعَهُمْ فَكَسَرَتْهُمُ التَّتَارُ كسرة فظيعة جداً، ثم ساروا نحو بلقار فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ فَفَرَغُوا مِنْ ذَلِكَ كله ورجعوا نَحْوِ مَلِكِهِمْ جِنْكِزْخَانَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ.

هَذَا مَا فَعَلَتْهُ هَذِهِ السَّرِيَّةُ الْمُغَرِّبَةُ، وَكَانَ جِنْكِزْخَانُ قَدْ أَرْسَلَ سَرَيَّةً فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى كلانة وَأُخْرَى إِلَى فَرْغَانَةَ فَمَلَكُوهَا، وَجَهَّزَ جَيْشًا آخَرَ نَحْوَ خُرَاسَانَ فَحَاصَرُوا بَلْخَ فَصَالَحَهُمْ أَهْلُهَا، وَكَذَلِكَ صَالَحُوا مُدُنًا كَثِيرَةً أُخْرَى، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الطَّالَقَانِ فَأَعْجَزَتْهُمْ قَلْعَتُهَا (١) وَكَانَتْ حَصِينَةً فَحَاصَرُوهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى عَجَزُوا فَكَتَبُوا إِلَى جِنْكِزْخَانَ فَقَدِمَ بِنَفْسِهِ فَحَاصَرَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أُخْرَى حَتَّى فَتَحَهَا قَهْرًا، ثُمَّ قَتَلَ كُلَّ مَنْ فِيهَا وَكُلَّ من في البلد بكماله خاصة وعامة، ثم قصدوا مدينة مرو مع جنكزخان فقد عَسْكَرَ بِظَاهِرِهَا نَحْوٌ مَنْ مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ فَاقْتَتَلُوا مَعَهُ قِتَالًا عَظِيمًا حَتَّى انْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ حَصَرُوا الْبَلَدَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَاسْتَنْزَلُوا نَائِبَهَا خَدِيعَةً ثُمَّ غَدَرُوا بِهِ وَبِأَهْلِ الْبَلَدِ فقتلوهم وغنموهم وسلبوهم وَعَاقَبُوهُمْ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ، حَتَّى أنَّهم قَتَلُوا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، ثُمَّ سَارُوا إلى نيسابور ففعلوا فيها ما فَعَلُوا بِأَهْلِ مَرْوَ، ثُمَّ إِلَى طُوسَ فَقَتَلُوا وخربوا مشهد علي بن موسى الرضي سلام الله عليه وعلى آبائه، وخربوا تربة الرشيد الخليفة فتركوه خراباً، ثُمَّ سَارُوا إِلَى غَزْنَةَ فَقَاتَلَهُمْ جَلَالُ الدِّينِ بن خوارزم شاه فكسرهم ثُمَّ عَادُوا إِلَى مَلِكِهِمْ جِنْكِزْخَانَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ، وَأَرْسَلَ جِنْكِزْخَانُ طَائِفَةً أُخْرَى إِلَى مَدِينَةِ خُوَارَزْمَ فَحَاصَرُوهَا حَتَّى فَتَحُوا الْبَلَدَ قَهْرًا فَقَتَلُوا مَنْ فِيهَا قَتْلًا ذَرِيعًا، وَنَهَبُوهَا وَسَبَوْا أَهْلَهَا وأرسلوا الجسر الذي يمنع ماء جيحون منها فَغَرِقَتْ دُورُهَا وَهَلَكَ جَمِيعُ أَهْلِهَا ثُمَّ عَادُوا إلى جِنْكِزْخَانَ وَهُوَ مُخَيِّمٌ عَلَى الطَّالَقَانِ فَجَهَّزَ مِنْهُمْ طَائِفَةً إِلَى غَزْنَةَ فَاقْتَتَلَ مَعَهُمْ جَلَالُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْمِ شَاهْ فَكَسَرَهُمْ جَلَالُ الدِّينِ كَسْرَةً عَظِيمَةً، وَاسْتَنْقَذَ مِنْهُمْ خَلْقًا مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى جِنْكِزْخَانَ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَبْرُزَ بِنَفْسِهِ لِقِتَالِهِ، فَقَصَدَهُ جِنْكِزْخَانُ فَتَوَاجَهَا وَقَدْ تَفَرَّقَ عَلَى جَلَالِ الدِّينِ بَعْضُ جَيْشِهِ وَلَمْ يَبْقَ بُدٌّ مِنَ الْقِتَالِ، فَاقْتَتَلُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لم يعهد قبلها

مثلها من قتالهم، ثم ضعفت أصحاب جلال الدين فذهبوا فركبوا بَحْرِ الْهِنْدِ فَسَارَتِ التَّتَارُ إِلَى غَزْنَةَ فَأَخَذُوهَا بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا مُمَانَعَةٍ، كُلُّ هَذَا أَوْ أكثره وقع في هذه السنة.


(١) وهي قلعة منصوركوه، وهي قلعة حصينة لا ترام علوا وارتفاعا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>