للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِضْوَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغْدَادِيُّ، كَانَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ، وَمَرِضَ بِالشَّقِيقَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَمَكَثَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ لَا يَرَى ضَوْءًا وَلَا يَسْمَعُ صَوْتًا.

ثُمَّ دَخَلَتْ سنة خمس وسبعين وأربعمائة فيها قدم مؤيد الْمُلْكِ فَنَزَلَ فِي مَدْرَسَةِ أَبِيهِ، وَضُرِبَتِ الطُّبُولُ عَلَى بَابِهِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الثَّلَاثِ.

وَفِيهَا نفِّذ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ رَسُولًا إِلَى السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ وَالْوَزِيرِ نِظَامِ الْمُلْكِ (١) ، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ كُلَّمَا مرَّ عَلَى بَلْدَةٍ خَرَجَ أَهْلُهَا يَتَلَقَّوْنَهُ بِأَوْلَادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، يَتَبَرَّكُونَ بِهِ

وَيَتَمَسَّحُونَ بِرِكَابِهِ، وَرُبَّمَا أَخَذُوا مِنْ تُرَابِ حَافِرِ بَغْلَتِهِ، وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى سَاوَةَ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا، وَمَا مَرَّ بِسُوقٍ مِنْهَا إِلَّا نَثَرُوا عَلَيْهِ مِنْ لَطِيفِ مَا عِنْدَهُمْ، حَتَّى اجْتَازَ بِسُوقِ الْأَسَاكِفَةِ، فلم يكن عندهم إلا مداساة الصغار فنثروها عليه، فجعل يتعجب من ذلك.

وفيها جددت الخطبة لبنت السلطان ملكشاه من جهة الخليفة، فَطَلَبَتْ أُمُّهَا أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثمَّ اتَّفق الحال على خمسين أَلْفِ دِينَارٍ.

وَفِيهَا حَارَبَ السُّلْطَانُ أَخَاهُ تُتُشَ فَأَسَرَهُ ثُمَّ أَطْلَقَهُ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُهُ عَلَى دِمَشْقَ وأعمالها.

وحج بالناس جنفل.

وتوفي فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ ... عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ، أبو عمر الْحَافِظُ مِنْ بَيْتِ الْحَدِيثِ، رَحَلَ إِلَى الْآفَاقِ وسمع الكثير، وتوفي بأصبهان.

ابْنُ مَاكُولَا الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بْنُ الْوَزِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ علكان بن محمد بن دلف ابن أَبِي دُلَفَ التَّمِيمِيُّ، الْأَمِيرُ سَعْدُ الْمُلْكِ، أَبُو نصر بن ما كولا، أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَسَادَاتِ الْأُمَرَاءِ، رَحَلَ وَطَافَ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَصَنَّفَ الْإِكْمَالَ فِي الْمُشْتَبَهِ مِنْ أسماء الرجال، وهو كتاب


(١) قال ابن الأثير في تاريخه: أن الخليفة بعث أبا إسحاق وحمله رسالة تتضمن الشكوى من العميد أبي الفتح بن أبي الليث، وأمره أن ينهي ما يجري على البلاد من النظارة (١٠ / ١٢٥ والعبر لابن خلدون ٣ / ٤٧٤ وفيها أن إرساله كان سنة خمس وخمسين وهو تحريف ظاهر) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>