للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" أيها الناس إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " (١) رواه البخاري.

[سنة إحدى وأربعين]

قال ابن جرير: فيها سلم الحسن بن علي الامر لمعاوية بن أبي سفيان. ثم روى عن الزهري أنه قال: لما بايع أهل العراق الحسن بن علي طفق يشترط عليهم أنهم سامعون مطيعون مسالمون [من سالمت] محاربون [من حاربت] فارتاب به أهل العراق وقالوا: ما هذا لكم بصاحب؟ فما كان عن قريب حتى طعنوه فأشووه فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعرا (٢)، فعند ذلك عرف تفرقهم واختلافهم عليه وكتب إلى معاوية يسالمه ويراسله في الصلح بينه وبينه على ما يختاران. وقال البخاري في كتاب الصلح: حدثنا عبد الله بن محمد ثنا سفيان عن أبي موسى. قال: سمعت الحسن يقول: " استقبل والله الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال معاوية - وكان والله خير الرجلين -: إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بضعفتهم؟ من لي بنسائهم، فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس - عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر - قال: اذهبا إلى هذا الرجل فأعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه، فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسالمك. قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به، فصالحه " (٣)،


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده ٥/ ٤٩. والبخاري في كتاب الصلح. باب قول النبي : إن ابني هذا سيد … ٣/ ٢٤٤ الطبعة الأميرية. وأعاده في علامات النبوة في كتاب المناقب. ورواه المسعودي في مروج الذهب ٢/ ٤٧٨.
(٢) ما بين معكوفتين من الطبري ٦/ ٩٣. وقال غيره ان خطبته كانت بعد وصوله إلى المدائن فتوح ابن الأعثم
٤/ ١٥٤. والاخبار الطوال ص ٢١٦.
(٣) صورة معاهدة الصلح التي وقعها الفريقان. وقد أخذناها من مصادرها حرفيا:
المادة الأولى: تسليم الامر إلى معاوية، على أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله [المدائني فيما رواه عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ٤/ ٨] وبسيرة الخلفاء الصالحين [فتح الباري فيما رواه ابن عقيل في النصائح الكافية ص ١٥٦ ط ١].
المادة الثانية: أن يكون الامر للحسن من بعده [تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٩٤ والإصابة ٢/ ١٢ و ١٣ الإمامة والسياسة ص ١٥٠ دائرة معارف وجدي ٣/ ٤٤٣] وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد [المدائني فيما يرويه عنه ابن أبي الحديد ج ٤/ ٨ والفصول المهمة لابن الصباغ وغيرهما].
المادة الثالثة: أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة وأن لا يذكر عليا إلا بخير [الأصفهاني مقاتل الطالبيين ص ٢٦ شرح النهج ص ٤/ ١٥ وقال آخرون أنه أجابه على أن لا يشتم عليا وهو يسمع، وقال ابن الأثير: ثم لم يف به أيضا].
المادة الرابعة: يسلم ما في بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف للحسن، وله خراج دار ابجرد [الطبري ٦/ ٩٢ الإمامة والسياسة ص ٢٠٠ وفي الاخبار الطوال ص ٢١٨: أن يحمل لأخيه الحسين في كل عام ألفي ألف، ويفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس].
المادة الخامسة: أن لا يأخذ أحدا من أهل العراق بإجنة، وأن يؤمن الأسود والأحمر ويحتمل ما يكون من هفواتهم [الدينوري في الاخبار الطوال ص ٢١٨] وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم وتهامهم وحجازهم [فتوح ابن الأعثم ٤/ ١٦٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>